للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٩٨- (٣) وعن أبي حميد الساعدي، قال في نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا أحفظكم لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأيته إذا كبر جعل يديه

ــ

فذكر الحديث. فهذا ظاهر أنه لم يشافهها، لكن لا مانع من جواز كونه توجه إليها بعد ذلك فشافهها على مذهب مسلم في إمكان اللقاء. والله أعلم – انتهى. وقال في جامع الأصول: أبوالجوزاء سمع من عائشة، فارتفعت العلة رأساً.

٧٩٨- قوله: (وعن أبي حميد) بضم الحاء وفتح الميم، قيل: اسمه عبد الرحمن، وقيل: عمرو. وقيل: المنذر بن سعد بن المنذر. وقيل: اسم جده مالك، الأنصاري الخزرجي المدني، غلبت عليه كنيته، صحابي مشهور، شهد أحداً وما بعدها، وعاش إلى خلافة يزيد سنة (٦٠) ، قال الواقدي: توفي في آخر خلافة معاوية أو أول خلافة يزيد. له ستة وعشرون حديثاً، اتفقا على ثلاثة، وانفرد كل منهما بحديث، روى عنه جماعة. (الساعدي) منسوب إلى ساعدة، وهو أبوالخزرج. (قال في نفر) أي وهو في جماعة، والنفر-بفتحتين-اسم جمع يقع على الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة، ولا واحد له من لفظه. وكانوا عشرة كما يدل عليه الرواية الآتية. (من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كلمة من في محل الحال من نفر، أي حال كونهم من أصحابه، منهم أبوقتادة بن ربعي، وأبو أسيد الساعدي، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبوهريرة. (أنا أحفظكم) أي أكثركم حفظاً (لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كأنه أخذ ذلك من شدة رقوبه، وكثرة إتباعه، ومزيد اعتنائه، إذا المعتني قد يحفظ أكثر من غير المعتني وإن كان في الصحبة سواء. (إذا كبر) أي أراد أن يكبر، فيدل على تقديم الرفع على التكبير، أو إذا شرع في التكبير، وهو الموافق لحديث ابن عمر الآتي: كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، فإن المتبادر منه مقارنة الرفع للتكبير، ويؤيده أيضاً ما في رواية أخرى له: "يرفع يديه حين يكبر". (جعل يديه) أي رفع. كما صرحت به بقية الروايات. أي شرع في رفع يديه، فيدل على أن رفع اليدين مقارن للتكبير. وقد ورد تقديم الرفع على التكبير وعكسه، أخرجهما مسلم، ففي رواية له من حديث ابن عمر الآتي بلفظ: "رفع يديه ثم كبر"، وفي حديث مالك بن الحويرث عنده: "كبر ثم رفع يديه"، وفي ترجيح المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلاف بين العلماء، والمرجح عندي المقارنة، وهو الأصح عند الشافعية والمالكية والحنابلة لحديث وائل بن حجر عند أبي داود بلفظ: "رفع يديه مع التكبير"، وقضية المعية أن ينتهي بانتهائه، ولم يقل أحد بتقديم التكبير على الرفع، والمرجح عند الحنفية تقديم الرفع لحديث ابن عمر عند مسلم، ولحديث أبي حميد الآتي، ولأن الرفع نفي صفة الكبرياء عن غير الله، والتكبير إثبات ذلك، والنفي سابق على الإثبات كما في كلمة الشهادة، وهذا مبني على أن الحكمة في الرفع ما ذكر، وقد قال فريق من العلماء: الحكمة في اقترانهما أن يراه الأصم، ويسمع التكبير الأعمى، فيعلمان دخوله في الصلاة، وقد ذكرت للرفع مناسبات أخرى: فقيل الإشارة إلى طرح الدنيا والإقبال بكليته على العبادة. وقيل: إلى الاستسلام والانقياد، وليناسب فعله قوله: "الله أكبر". وقيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>