للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته))

ــ

ص١٩٥) : معناه ثنى ظهره وخفضه. وأصل الهصر أن يأخذ بطرف الشيء ثم يجذبه إليه كالغصن من الشجرة ونحوه فينهصر أي ينكسر من غير بينونة- انتهى. زاد في رواية أبي داود: "غير مقنع رأسه ولا صافح بخده" أي غير مبرز صفحة خده مائلاً إلى أحد الشقين. (فإذا رفع رأسه) أي من الركوع (استوى) أي قائماً معتدلاً (حتى يعود كل فقار مكانه) بفتح الفاء والقاف آخره راء جمع فقارة، واستعمل الفقار للواحد تجوزاً وهي عظام الظهر، وهي العظام المنظمة التي يقال لها خرز الظهر، قاله القزاز. وفي المحكم: هي ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب. والمراد بذلك كمال الاعتدال. (فإذا سجد وضع يديه) حذاء منكبيه أي قبل وضع ركبتيه (غير مفترش) أي ساعديه أو ذراعيه كافتراش السبع، وغير حامل بطنه على شيء من فخذيه. وهو منصوب على الحال، يعني غير واضع مرفقيه على الأرض. (ولا قابضهما) بالجر أي ولا قابض يديه. أراد أن لا يضم الذراعين والعضدين إلى الجنبين بل يجافيهما معتمداً على راحتيه. (واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة) قال النووي: ولا يحصل توجيهاً للقبلة إلا أن يكون معتمداً على بطونها، ووضعها من غير تحامل عليها مخالف للحديث. (فإذا جلس) للتشهد (في الركعتين) أي عقب الأوليين (جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى) هذا هو الافتراش. (فإذا جلس في الركعة الآخرة) للتشهد الأخير (قدم رجله اليسرى) أي أخرجها من تحت وركه إلى جانب الأيمن. (ونصب الأخرى) أي اليمنى (وقعد على مقعدته) اليسرى، وهذا هو التورك وفي ذكره كيفية الجلوسين- الجلوس الأوسط والأخير- دليل على تغايرهما، وأنه في الجلسة الأخيرة يتورك، أي يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، وينصب رجله اليمنى. وبهذا الحديث عمل الشافعي ومن وافقه، وألحق هو بالتشهد الأول الجلسات الفاصلة بين السجدات؛ لأنه يعقبها انتقالات، والانتقال من المفترش أيسر. وقد قيل في الحكمة في التغاير بين الجلوسين- الأوسط والأخير- أنه أقرب إلى عدم اشتباه عدد الركعات، فإن المخالفة في الهيئة قد تكون سبباً للتذكر عند الشك في كونه في التشهد الأول أو في التشهد الأخير، ولأن الأول تعقبه الحركات بخلاف الثاني، يعني أن الافتراش هيئة استيفاز فناسب أن تكون في التشهد الأول؛ لأن المصلي مستوفز للقيام للركعة الثالثة، والتورك هيئة اطمينان فناسب الأخير، ولأن المسبوق إذا رآه علم قدر ما سبق به. وعند الحنفية يفترش في الكل. وعند المالكية يتورك في الكل. والمشهور عن أحمد اختصاص التورك بالصلاة التي فيها تشهدان. واستدل الحنفية بحديث عائشة السابق. والجواب أنه محمول على التشهد الأول جمعاً بين الأحاديث، وأما قول ابن التركماني: بأن إطلاقه يدل على أن ذلك كان في التشهدين بل هو في قوة قولها "وكان يفعل ذلك في التشهدين" إذ قولها أولاً: "وكان يقول في كل ركعتين التحية" يدل على هذا التقدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>