للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصلي"، ولم يفصل له، فالحديث حجة في الإقتداء به في ذلك- انتهى. قلت: ويرده أيضاً حديث أبي حميد الآتي فإن في آخره: "قالوا: صدقت هكذا كان يصلي"، فلم يفصل أحد أن هذه الجلسة كانت في آخر عمره حين ثقل. ومنها أن حديث أبي حميد حال عن جلسة الاستراحة، فقد رواه الطحاوي بلفظ: "فقام ولم يتورك" وأخرجه أبوداود أيضاً كذلك، فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به، فقعد لأجلها لا أن ذلك من سنة الصلاة. والجواب عنه أن الأصل عدم العلة، وأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث "صلوا كما رأيتموني أصلي"، فحكاياته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخله تحت هذا الأمر، ولم تتفق الروايات عن أبي حميد على نفي هذه الجلسة؛ بل أخرجه أبوداود أيضاً من وجه آخر عنه بإثباتها. وكذا أخرجه الترمذي في جامعه بإثباتها، والمثبت مقدم على النافي. ومنها أنها لو كانت سنة لشرع لها ذكر مخصوص. والجواب عنه أنها جلسة خفيفة جداً استغنى فيها بالتكبير المشروع للقيام، فإنها من جملة النهوض إلى القيام. ومنها أنها لو كانت سنة لذكرها كل من وصف صلاته - صلى الله عليه وسلم -. والجواب عنه أن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف صلاته، إنما أخذ مجموعها من مجموعهم. ومنها أن عمل أكابر الصحابة الذين كانوا أقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشد اقتفاء لأثره وألزم لصحبته من مالك بن الحويرث كعلي، وابن مسعود، وعمر، على خلاف ما قال مالك، فوجب تقديمه، وحمل ما رواه على حالة عارضة اقتضت تلك الجلسة، وليس في روايته ما يدل على مواظبته عليها لتكون قرينة على السنة. والجواب عنه أن الأصل عدم عروض تلك الحالة، والحمل عليها يحتاج إلى دليل، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لمالك وأصحابه: "صلوا كما رأيتموني أصلي". وأقل ذلك أن يكون مستحباً كما قال السندي. ولم يثبت عن أحد من الصحابة تركها بسند صحيح غير ابن مسعود، ومتابعة السنة أولى. وليس بعد الحديث قول لأحد كائناً من كان. وأيضاً ترك من ترك من الصحابة على تقدير ثبوته عنه لا يقدح في سنيتها؛ لأن ترك ما ليس بواجب جائز، وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - مالك بن الحويرث وأصحابه بإقتداء به بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، واختيار مالك بن الحويرث بعده - صلى الله عليه وسلم - جلسة استراحة عملاً بهذا الأمر قرينة واضحة على مواظبته عليها وبقائها، وعلى سنيتها، وإستحبابها. واحتج هؤلاء على ترك جلسة الاستراحة بأحاديث: منها حديث أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على صدور قدميه، أخرجه الترمذي. والجواب عنه أنه حديث ضعيف جداً لا يقوم بمثله الحجة؛ فإن في سنده خالد بن إلياس وهو متروك. قاله أحمد والنسائي. وقال البخاري وابن معين: ليس بشيء. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات حتى يسبق إلى القلب أنه الواضع لها، لا يكتب حديثه إلا على جهة التعجب. وفيه أيضاً صالح مولى التوأمة وقد اختلط بآخره، وخالد لا يعرف متى أخذ عنه. ومنها حديث أبي مالك الأشعري أنه جمع قومه فقال: يا معشر الأشعريين! اجتمعوا وأجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>