٨٠٢- (٧) وعنه: ((أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي
قاعداً)) .
ــ
الترك كما هو مقرر في موضعه، فلا بد لمن يدعى النسخ أن يأتي بدليل صريح في ترك الرفع في هذه المدة ولو مرة، ولو بسند ضعيف ودونه خرط القتاد، وقلل الجبال. (وفي رواية: حتى يحاذي بهما فروع أذنيه) تقدم معناه، وهذه الرواية من أفراد مسلم، وكذا قوله:"حتى يحاذي بهما أذنيه" من أفراد مسلم، ففي قوله:(متفق عليه) نظر، وقد وهم المحب الطبري أيضاً فعزاه للمتفق، نعم أصل الحديث متفق عليه، وقد أخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه.
٨٠٢- قوله:(فإذا كان في وتر) أي فرد (من صلاته) المراد بالوتر الركعة الأولى، والثالثة من الرباعيات (لم ينهض) للقيام (حتى يستوي قاعداً) للاستراحة يعني يجلس للاستراحة ثم يقوم، وهذا دليل صريح على مشروعية جلسة الاستراحة وسنيتها. قال الحافظ: وأخذ بها الشافعي، وطائفة من أهل الحديث، وعن أحمد روايتان، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها، ولم يستحبها الأكثر– انتهى. وكذا صرح برجوع أحمد إلى القول بها نقلاً عن الخلال في المغني، والشرح الكبير، وزاد المعاد وغير ذلك من كتب الحنابلة وغيرهم، فلا شك في أن آخر قولي أحمد هو أن يجلس للاستراحة، وقال مالك وأبوحنيفة بتركها. والاختلاف في الأفضلية لا في الجواز. قال في رد المحتار: قال شمس الأئمة الحلوائي: الخلاف في الأفضلية حتى لو فعل كما هو مذهبنا لا بأس به عند الشافعي، ولو فعل كما هو مذهبه لا بأس به عندنا- انتهى. والحق ما ذهب إليه الشافعي وأحمد، يدل عليه حديث مالك هذا، وهو حديث صحيح، وأحاديث أخرى، منها: حديث أبي هريرة في قصة المسيء في صلاته، وهو أول أحاديث الفصل الأول من هذا الباب، وقد ورد فيه الأمر بجلسة الاستراحة. ومنها حديث أبي حميد الآتي، وهو أول أحاديث الفصل الثاني. قال ابن قدامة في المغني بعد ذكر حديث مالك هذا: وذكره أيضاً أبوحميد في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث حسن صحيح، فيتعين العمل به والمصير إليه – انتهى. ومنها حديث ابن عباس الآتي في صلاة التسبيح، وهو حديث حسن أو صحيح لغيره. ومن لا يقول بجلسة الاستراحة اعتذار عن حديث مالك بن الحويرث بأعذار كلها واهية، فمنها: أنه محمول على حال الكبر، فعلها - صلى الله عليه وسلم - في آخر عمره حين ثقل وبدن، ولم يفعل قصداً، والسنة ما فعل قصداً لا ما فعله بسبب آخر. ورده السندي بأنه أورد عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - لمالك وأصحابه:"صلوا كما رأيتموني أصلي"، وأقل ذلك أن يكون مستحباً، وأيضاً قد جاء الأمر بها في بعض روايات الأعرابي المسيء صلاته- انتهى. ورده صاحب البحر الرائق أيضاً حيث قال: يرد عليه بأن هذا الحمل يحتاج إلى دليل، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: "صلوا كما رأيتموني أصلي"- انتهى. وقال الحافظ في الدراية: هذا تأويل يحتاج إلى دليل، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمالك بن الحويرث لما أراد أن يفارقه: "صلوا كما رأيتموني