فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا أبوسعيد الخدري، فذهبت بأبي سعيد الخدري، فقال عمر: أخفى على هذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألهاني الصفق بالأسواق، يعني الخروج إلى التجارة. زاد مالك في الموطأ، فقال عمر لأبي موسى: أما إني أتهمك، ولكن خشيت أن يتقوّل الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الشراح: وحينئذٍ فلا دلالة في طلبه البينة على أنه لا يحتج بخبر الواحد، بل أراد سد الباب خوفاً من غير أبي موسى أن يخلق كذباً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الرغبة والرهبة. وقالوا: في الحديث أن قول الصحابي "كنا نؤمر بكذا" له حكم الرفع-انتهى. وأما قول بعضهم: إن كان مرفوعاً فلم لا يقولون فيه "قال رسول الله؟. فجوابه أنهم تركوا الجزم بذلك تورعاً واحتياطاً. وقيل: هو من التفنن في تبليغ الهدي النبوي، لا سيما وقد يكون الحكم الذي قيل فيه "أمرنا" أو "من السنة" من سنن الأفعال لا الأقوال. وقد يقولون ذلك إيجازًا أو لضيق المقام أو لغير ذلك. (أن) أي بأن (يضع الرجل) أي والمرأة تابعة له. وكان الأصل أن يقول "يضعون" فوضع المظهر موضع المضمر. قال الطيبي: في وضع الرجل موضع ضمير الناس تنبيه على أن القائم بين يدي الملك الجبار ينبغي أن لا يهمل شريطة الأدب، بل يضع يده على يده ويطأطأ رأسه كما يصنع بين يدي الملوك، نقله ميرك وكتب تحته: "وفيه ما فيه"، يعني وفيه أن هذه النكتة لمطلق الوضع لا لذكر الرجل موضع ضمير الناس، ولعله أراد أن لا يقوم بهذا الأدب إلا من اجتمعت فيه صفات الرجولية الكاملة لا لتخصيص الحكم به؛ لأن الناس يعمه ما لم يقم دليل خروجه، كذا في المرقاة. (اليد اليمنى على ذراعه اليسرى) الذراع-بكسر الذال- من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، والساعد مؤنثة فيهما وقد تذكر. أبهم سهل بن سعد موضعه من الذراع. قال الشوكاني: وقد بينه حديث وائل عند أحمد وأبي داود والنسائي بلفظ: "ثم وضع يد اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد"، وصححه ابن خزيمة وغيره، وأصله في مسلم بدون الزيادة. والرسغ - بضم الراء وسكون السين بعدها معجمة- هو المفصل بين الكف والساعد. والمراد أنه وضع يده اليمنى بحيث صار وسط كفه اليمنى على الرسغ، ويلزم منه أن يكون بعضها على الكف اليسرى، والبعض على الساعد. قال بعضهم: ورد في بعض الأحاديث ذكر وضع اليد على اليد كما في رواية وائل عند مسلم، وفي بعضها ذكر وضع اليد على الذراع كما في حديث سهل بن سعد، وفي البعض أخذ الشمال والقبض عليها باليمين، كما روى النسائي من حديث وائل قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله. وروى الترمذي وابن ماجه من حديث قبيصة بن هلّب عن أبيه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه. وورد في رواية أحمد وأبي داود من حديث وائل: "وضع اليمنى على الكف اليسرى والرسغ والساعد". فالسنة أن يجمع بين الوضع والقبض جمعًا بين هذه الأحاديث، وكيفية الجمع أن يضع الكف اليمنى على الكف