للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليسرى ويحلق الإبهام والخنصر على الرسغ ويبسط الأصابع الثلاث على الذراع، فيصدق أنه وضع اليد على اليد وعلى الذراع، وأنه أخذ شماله وقبض عليها بيمينه. قلت: لا حاجة إلى هذا التكلف للتوفيق والجمع لكون التوفيق فرع التعارض، ولا يظهر التعارض أصلاً؛ لأنه لا تناقض بين الأفعال المختلفة لجواز وقوع الكل في أوقات مختلفة، على أن حديث سهل بن سعد حديث قولي أخرجه مالك وأحمد والبخاري، وهو أيضاً أصح ما ورد في ذلك فهو أولى بالعمل. واعلم أنه لم يرد في رواية وضع الذراع على الذراع، فما يفعله بعض العوام من وضع الذراع على الذراع بحيث أنه يضعون الكف اليمنى على مرفق اليد اليسرى أو قريباً منه، ثم يأخذونه بأصابع اليد اليمنى هو مما لا أصل له. تنبيه: لم يذكر سهل ابن سعد في حديثه محل وضع اليدين من الجسد، وهو عندنا على الصدر لما ورد في ذلك من أحاديث صريحة قوية. فمنها حديث وائل بن حجر قال: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره"، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ذكره الحافظ في بلوغ المرام والدراية والتخليص وفتح الباري. والنووي في الخلاصة وشرح المهذب وشرح مسلم للاحتجاج به على ما ذهبت إليه الشافعية من وضع اليدين على الصدر، وذكرهما هذا الحديث في معرض الاحتجاج به، وسكوتهما عن الكلام فيه يدل على أن حديث وائل هذا عندهما صحيح أو حسن قابل للاحتجاج، لا سيما من الحافظ في الدراية والفتح، فإنه قال في الفتح في شرح حديث سهل بن سعد: لم يذكر أي سهل بن سعد محلهما من الجسد، وقد روى ابن خزيمة من حديث وائل "أنه وضعهما على صدره"، والبزار "عند صدره"، وعند أحمد في حديث هلّب الطائي نحوه، وفي زيادات المسند من حديث علي "أنه وضعهما تحت السرة" وإسناده ضعيف-انتهى. فالظاهر من كلام الحافظ هذا أن حديث وائل هذا عند صحيح أو حسن؛ لأنه ذكر ههنا لتعيين محل وضع اليدين ثلاثة أحاديث: حديث وائل وحديث هلب وحديث علي، وضعف حديث علي إذ قال: إسناده ضعيف، وسكت عن حديث وائل وحديث هلب، فلو كانا هما أيضاً ضعيفين لصرح بذلك وبين ضعفهما، ولأنه ذكر في أوائل مقدمة الفتح في بيان دأبة في الشرح أنه يستخرج ما يتعلق به غرض صحيح في الحديث من الفوائد المتنية والإسنادية، منتزعاً كل ذلك من أمهات المسانيد والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد بشرط الصحة والحسن فيما يورده من ذلك، فقوله هذا يدل على أن حديث وائل وكذا حديث هلب عنده صحيح أو حسن. وقد اعترف الشيخ محمد قائم السندي في رسالته فوز الكرام: أن هذا الحديث على شرط ابن خزيمة حيث قال فيها: الذي أعتقد أن هذا الحديث على شرط ابن خزيمة، وهو المبتادر من صنيع الحافظ في الإتحاف، والظاهر من قول ابن سيد الناس بعد ذكر حديث وائل في شرح جامع الترمذي: وصححه ابن خزيمة-انتهى. وقال ابن أمير الحاج في شرح المنية: إن الثابت من السنة وضع اليمين على الشمال، ولم يثبت حديث يوجب تعيين المحل الذي يكون الوضع فيه من البدن إلا حديث وائل المذكور، وهكذا قال صاحب البحر الرائق، كذا في فتح الغفور للشيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>