في الفتح. والذي ذكرنا من محل الوضع على الصدر هي إحدى الروايات الثلاث عن الشافعي، والمشهور المختار عند أصحابه، المذكور في أكثر متونهم وشروحهم هو أن يضعهما تحت الصدر فوق السرة. واستدل لذلك بما رواه أبوداود عن جرير الضبي قال: رأيت علياً يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة. وإسناده صحيح أو حسن، لكنه فعل علي - رضي الله عنه -، ليس بمرفوع، ثم الظاهر أن المراد من قوله "فوق السرة" على مكان مرتفع من السرة أي على الصدر أو عند الصدر كما تقدم في حديث وائل، وفي حديث هلب، وفي حديث طاووس. واستدل لما ذهبت إليه الحنفية من أن الرجل يضع اليدين تحت السرة بأحاديث: منها حديث وائل أخرجه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن موسى بن عمير، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يضع يمينه على شماله تحت السرة. قال الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي: هذا سند جيد. وقال الشيخ أبوالطيب المدني في شرح الترمذي: هذا حديث قوي من حيث السند. وقال الشيخ محمد عابد السندي في طوالع الأنوار: رجاله ثقات. وفيه أن هذا الحديث وإن كان قوياً من حيث السند لكن من المعلوم أن صحة السند وقوته لا تستلزم صحة المتن وقوته، وههنا في ثبوت لفظ "تحت السرة" نظر بل هو غلط، فإن النسخ الصحيحة من المصنف لابن أبي شيبة خالية من هذه الزيادة في حديث وائل هذا، كما صرح بذلك الشيخ محمد حيات السندي في رسالته "فتح الغفور"(ص٦-٨) والشيخ محمد فاخر المحدث الإله آبادي في منظومته "نور السنة" وصاحب رسالة "الدرة في إظهار غش نقد الصرة" ويؤيدهم أن أحداً من أهل العلم ممن أكثروا النقل عن المصنف كابن عبد البر، والحافظ ابن حجر والسيوطي والعيني وابن أمير الحاج وغيرهم لم يذكروا هذا الحديث بهذه الزيادة، إلا القاسم بن قطلوبغا الحنفي. قال شيخنا في شرح الترمذي (ج١: ص٢١٤) : إسناد هذا الحديث وإن كان جيداً، لكن في ثبوت لفظ تحت السرة في هذا الحديث نظراً قوياً، ثم بين ذلك مفصلاً فعليك أن ترجع إليه، وإلى أبكار المنن أيضاً. ومنها حديث علي أخرجه أحمد وأبوداود، وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن أبي جحيفة أن علياً قال: السنة وضع الكف على الكف تحت السرة. وفيه أن في سند هذا الحديث عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وعليه مدار هذا الحديث، وهو ضعيف لا يصلح للاحتجاج. قال البخاري: فيه نظر. وقال ابن حنبل وأبوحاتم: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال البيهقي: لا يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك. وقال النووي في الخلاصة وشرح مسلم: هو حديث متفق على تضعيفه، فإن عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف بالاتفاق، ذكره الزيلعي في نصب الراية (ج١: ص٣١٤) وقال ابن الهمام في التحرير: إذا قال البخاري للرجل: فيه نظر، فحديثه لا يحتج به، ولا يستشهد به، ولا يصلح للاعتبار- انتهى. فظهر بهذا كله أن حديث علي هذا لا يصلح للاحتجاج، ولا للاستشهاد، ولا للاعتبار. ثم حديث علي هذا منسوخ على طريق الحنفية. قال صاحب الدرة في إظهار غش نقد الصرة - وهو من العلماء الحنفية -: روى أبوداود عن جرير