للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الصلاة)) رواه البخاري.

ــ

الضبي أنه قال: رأيت علياً يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة. وأصل علمائنا إذا خالف الصحابي مرويه فهو يدل على نسخه، وهذا الفعل وإن لم يكن أقوى من القول فلا أقل أن يكون مثله-انتهى. قلت: إسناد أثر علي هذا أعني الذي رواه أبوداود عن جرير الضبي صحيح أو حسن كما عرفت. ومنها حديث أبي هريرة رواه أبوداود عن أبي وائل، قال: قال أبوهريرة: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة. وفيه أن في إسناد حديث أبي هريرة أيضاً عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، فهذا الحديث أيضاً لا يصلح للاحتجاج ولا للاستشهاد ولا للاعتبار. ومنها حديث أنس ذكره ابن حزم في المحلي تعليقاً بلفظ "ثلاث من أخلاق النبوة تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة تحت السرة". وفه أن سنده غير معلوم لينظر فيه هل رجالهم مقبولون أم لا، وما لم يعلم سنده لا يصلح للاحتجاج ولا للاستشهاد ولا للاعتبار، وإيراد ابن حزم هذا الحديث في المحلي من غير أن يذكر سنده، وكذا إيراد غيره من الحنفية في تصانيفهم بغير سند لا يدل على كونه قابلاً للاحتجاج. فهذه الأحاديث الأربعة هي كل ما احتج به الحنفية على وضع اليدين في الصلاة، وقد عرفت أنه لا يصلح واحد منها للاحتجاج، ويذكرون أثرين: أحدهما أثر أبي المجلز التابعي رواه ابن أبي شيبة عن الحجاج بن حسان، قال: سمعت أبا مجلز أو سألته قال: قلت: كيف أضع؟ قال: يضع باطن كف يمينه على ظاهر كف شماله، ويجعلهما أسفل من السرة. وفيه أن هذا قول تابعي ينفيه الحديث المرفوع فلا يلتفت إليه، وقد روي عنه وضع اليدين فوق السرة أيضاً. والثاني ما رواه ابن أبي شيبة أيضاً عن إبراهيم النخعي، قال: يضع يمينه على شماله في الصلاة تحت السرة. وفيه أن هذا قول رجل من صغار التابعين مخالف للحديث المرفوع فلا يعبأ به. واعلم أنه لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في محل الوضع، ومذهب الحنفية أن الرجل يضع اليدين تحت السرة والمرأة تضعهما على الصدر؛ لأنه أستر لها. ولا دليل على هذا الفرق من السنة ولا من قول الصحابي. (في الصلاة) ومحل الوضع منها كل قيام هو قبل الركوع لأن الأصل هو الإرسال كما هو وضع الإنسان خارج الصلاة، فلا يترك هذا الأصل إلا فيما ورد النص على خلافه، وهو القيام قبل الركوع، وأما القومة أي الاعتدال بعد رفع الرأس من الركوع فلم يرد حديث مرفوع صريح صحيح يدل على الوضع فيه، فيكون فيه العمل على الأصل، والأحاديث المطلقة تحمل على المقيدة. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً مالك وأحمد كلهم من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد، وزادوا في آخره "قال أبوحازم: لا أعلمه إلا ينمي أي يرفع ويسند ويضيف ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ". واعترض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول؛ لأنه ظن من أبي حازم. ورد بأن أبا حازم لو لم يقل: "لا أعمله" الخ. لكان في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي "كنا نؤمر بكذا" يصرف بظاهره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم. قبل: لو كان مرفوعاً ما احتاج أبوحازم إلى قوله: "لا أعمله" والجواب أنه أراد الانتقال إلى التصريح، فالأول لا يقال له مرفوع، وإنما يقال "له حكم الرفع" قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>