فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله، وكبره، وهلله، ثم اركع)) .
٨١١- (١٦) وعن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الصلاة مثنى مثنى، تشهد في كل ركعتين،
ــ
عليه ما زاده الترمذي في روايته من لفظ "أيضا" بعد قوله "فأقم"(فإن كان معك قرآن فاقرأ) أي ما تيسر. وقد تقدم أن تمسك الحنفية على عدم ركنية الفاتحة ليس بصحيح؛ لأن الفاتحة وإن لم تكن ركناً لكنها واجبة عندهم أيضاً، والسياق سياق التعليم، فلو فرضنا أنه لم يعلمه يلزم درجة كراهة التحريم في سياق التعليم، ولا يجوز أصلاً مع أنها مذكورة في حديث رفاعة صراحة (كما تقدم آنفاً) وإن كانت مجملة في حديث أبي هريرة (وكذا في بعض طرق حديث رفاعة) . ثم أقول: إن قوله هذا كان لكون الرجل بدوياً أعرابياً لا يدري أنه كان عنده شيء من القرآن أم لا، وحينئذٍ ينبغي أن يكون التعبير هكذا، ولذا قال "وإلا فاحمد الله وكبره" فدل على أنه كان ممن لا يستبعد منه أن لا يكون عنده قرآن أصلاً. وإذن لا يلائمه أن يأمره بالفاتحة والسورة تفصيلاً، وإنما أليق بحاله الإجمال، فيقرأ بما يقدر، قاله الشيخ محمد أنور الكشميري. (وإلا) أي وإن لم يكن معك قرآن (فاحمد الله) أي قل: الحمد لله (وكبره) أي قل: الله أكبر (وهلله) أي قل: لا إله إلا الله. وفيه دليل على أن الذكر المذكور يجزئ من لم يكن معه شيء من القرآن، وليس فيه ما يقتضي التكرار فظاهره أنها تكفي مرة، وسيأتي الكلام فيه مفصلا ًفي باب القراءة في الصلاة.
٨١١- قوله:(الصلاة مثنى مثنى) قيل: الصلاة مبتدأ ومثنى مثنى خبره، والأول تكرير والثاني توكيد، وقوله:(تشهد في كل ركعتين) خبر بعد خبر كالبيان لمثنى مثنى، أي ذات تشهد، وكذا المعطوفات، ولو جعلت أوامر اختل النظم، وذهبت الطراوة والطلاوة، قاله الطيبي. وقال التور بشتي: وجدنا الرواية فيهن بالتنوين لا غير، وكثير ممن لا علم له بالرواية يسردونها على الأمر ونراها تصحيفاً- انتهى. ونقل السيوطي في قوت المغتذي عن الحافظ العراقي في شرحه على الترمذي: المشهور في هذه الرواية أنها أفعال مضارعة حذف منها إحدى التائين، ويدل عليه قوله في رواية أبي داود "وأن تتشهد"، ووقع في بعض الروايات بالتنوين فيها على الاسمية، وهو تصحيف من بعض الرواة- انتهى. ونحو ذلك نقل السندي في حاشية ابن ماجه عن العراقي وزاد: قال أبوموسى المديني: ويجوز أن يكون أمراً أو خبراً- انتهى. قال العراقي: فعلى الاحتمال الأول يكون تشهد وما بعده مجزوماً على الأمر، وفيه بُعد لقوله بعد ذلك "وتقنع" فالظاهر أنه خبر- انتهى. وقد ظهر من هذا كله أنهم اختلفوا في ضبط هذه الكلمات. (أي غير قوله "تقنع" فإنه مضارع من الإقناع جزماً لا يحتمل وجها آخر) فضبطها بعضهم على المصدرية بالتنوين "تشهد" الخ. ورجحه التوربشتي والطيبي. وضبطها بعضهم أفعال أمر "تشهد" الخ. وضبطها بعضهم أفعالاً مضارعة "تشهد" الخ. وهذا رجحه العراقي وهو الراجح عندي لما في رواية لأحمد