للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتخشع وتضرع وتمسكن، ثم تقنع يديك- يقول: ترفعهما- إلى ربك

ــ

(ج٤: ص١٦٧) من حديث المطلب: الصلاة مثنى مثنى، وتشهد، وتسلم في كل ركعتين، الخ. فقوله: "تسلم" فعل مضارع جزما لا يحتمل أن يكون أمراً أو مصدراً فكذا قوله "تشهد" والمعطوفات بعده. ورواية أحمد هذه تدل على أن المراد من قوله "مثنى مثنى" أنه يسلم من كل ركعتين، فيكون المقصود بيان الأفضل. والمعنى أفضل الصلاة النافلة أن تكون ركعتين ركعتين أي بالليل، لما وقع في حديث المطلب بن ربيعة عند أحمد "صلاة الليل مثنى مثنى" إلا أن في سنده يزيد بن عياض الليثي وهو منكر الحديث متروك كذبه مالك وغيره. وفي قوله: "تسلم في كل ركعتين" رد على ابن الهمام حيث قال: إن "مثنى" معدول من"اثنين اثنين" فصار بالتكرار أربعاً، فمعنى قوله"الصلاة مثنى مثنى" أي أربع أربع، وهو مذهب الحنفية في النافلة. وفيه أنه قد صرح الزمخشري في الفائق أن مثنى ههنا مجرد عن التكرار، ومعناه اثنين فقط، ولذا احتيج إلى تكريره على أن ما ذكره ابن الهمام وإن كان نافعاً لهم في مسألة التطوع لكن يضرهم في مسألة الوتر جداً لأن صلاة الليل إذا كانت أربعاً فبإيتارها بواحدة يحصل الوتر خمس ركعات، بخلاف ما إذا كانت مثنى، فإنها بعد الإيتار تحصل ثلاث ركعات وهي ركعات الوتر عند الحنفية. (وتخشع) التخشع هو السكون والتذلل، وقيل الخشوع قريب المعنى من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والخشوع في البصر والبدن والصوت. وقيل: الخضوع في الظاهر، والخشوع في الباطن. وقال الحافظ: الخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون. وقيل: لابد من إعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره. وقال غيره: هو معنى يقوم بالنفس، يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة، ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي: "الخشوع في القلب" أخرجه الحاكم. وأما حديث: "لو خشع هذا خشعت جواره" ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن- انتهى. قال القاري: والخشوع من كمال الصلاة. قلت: بل هو روحها وسرها ومقصودها. وفي قوله: "تخشع" إشارة إلى أنه إن لم يكن له خشوع فيتكلف، ويطلب من نفسه الخشوع، ويتشبه بالخاشعين. (وتضرع) قال الجزري: التضرع التذلل، والمبالغة في السؤال، والرغبة. يقال ضرع يضرع- بالكسر والفتح - والتضرع إذا خضع وذل. (وتمسكن) قال ابن الملك: التمسكن إظهار الرجل المسكنة من نفسه. وقال الجزري: أي تذل وتخضع، وهو تمفعل من السكون، والقياس أن يقال: تسكن، وهو الأكثر الأفصح، وقد جاء على الأول أحرف قليلة. قالوا: تمدرع وتمنطق وتمندل- انتهى. (ثم تقنع يديك) من إقناع اليدين رفعهما في الدعاء ومنه قوله تعالى: {مقنعي رؤوسهم} [١٤: ٤٣] أي ترفع يديك للدعاء بعد الصلاة لا فيها. وقيل: بل يجوز أن يرفع اليدين فيها في قنوت الصبح والوتر، وهو عطف على محذوف، أي إذا فرغت منها فسلم ثم ارفع يديك سائلاً حاجتك، فوضع الخبر موضع الطلب (يقول) أي الراوي معناه (ترفعهما) أي لطلب الحاجة (إلى ربك) متعلق بقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>