حجة على المعتزلة والقدرية، ألا ترى أن الغلام كيف استثنى في صبره
عِلْما منه بأنه غير مالك له، وأن الله - جل ئناؤه - هو الذي يصبره
وكذا قال الله لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ) فيسأل الصبر، إنه غير مملوك ولا مستطاع إلا بالله، وقد
أمر الله به الناس كافة فقال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا) ، أفيجوز لأحد أن يقول: أمر الله المؤمنين بشيء قد أخبر أنهم لا يستطيعونه إلا به، وذلك ظلم منه كما يزعمون
- ويلهم - أن المدعي على الله - جل جلاله - بقضاء المعصية على من
أمره بتركها مجوره. أَوَلا يعتبرون أن الأعمال كلها أسوة الصبر قد أمر
الله المأمورين بجميعها، وطاقتهم فيها معا طاقة واحدة لا يقدرون على
شيء منها إلا به، كما لا يقدرون على الصبر إلا به، والله - جل
وتعالى - عادل فيما أمرهم، ومتفضل على من أعانه عليه، وغير