جائز على من حجب عنه المعونة ثم عاقبه على الجناية، ونسبها إليه
وسماه بها ظالما، ونفسه عادلا، وكل ذلك حكم منتظم وخبر
صادق، وعلم كيفيته وكيفية صدقه محجوب عمن هو عبد ذليل
بالعبودية جاهل بكل ما لم يعلم. ألا ترى إلى قول الملائكة:(قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا) ، وهذا علم لم يُعلِّمه اللهُ بشرًا
ولا مَلَكاً، بل ألزم الجميع أن يؤمنوا بعدله عرفوه أم لم يعرفوه، كما
ألزمهم سائر الفرائض ليكونوا عبيدا مقهورين مؤتمرين غير مقحمين على
ما لم يطلعوا عليه من سره في قضائه وقدره.
وفيما أخبر عن الغلام أيضاً دليل على الاستثناء مقدما ومؤخرا.
استثناء محسوب لمستثنيه، فهو هاهنا مقدم، وفي قوله:(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) مؤخر.