فعله، وأيهما كان فهو حجة عليهم واضحة، لا إشكال فيها.
وقد أنبأتهم عن المعنى الذي أرادوه، وأزالوا به القرآن
عن جهته - في سورة الأنعام - في قوله:(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ)
أنه خطأ من ثلاث جهات:
فأحدها: رد الفاعل إلى المفعول به.
والثانية: أنه لو كان كذلك - أيضا - ما نفعهم، لأنه إن كان محالاً
على الله أن يخلق شيئًا، أو يقضيه على عباده، فهو محال عليه أن يعطي
أحدًا سؤله فيه، وإن سأل.
والثالث: وإن نفس وصف القوم بإرادة الضلال خطأ، لإعزازه
في العالم، وعدم من يرد من الله ذلك، إنما يستفزهم حرص الدنيا.
فيريدون جمعها - لأنفسهم - بأي وجه اجتمعت لهم من خير، أو شر.
كما قال الله - ها هنا -: (وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) ، فقد أخبر الله أنه يؤتيهم حرثها المحروص عليه منهم، لا بمسألتهم إياه ذلك.