ثم شهد هو - جل جلاله - لمحمد، صلى الله عليه وسلم، فقال:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩) ، أي نحفظ محمدًا من
مكروهكم، وغائلتكم وتكذيبكم فلا تصلون إلى قتله، ولا هضمه.
إلا ما تقولونه بألسنتكم، وهو بين.
ولو سمي محمد، صلى الله عليه وسلم، ذكرًا، لأن الذكر عليه
ينزل لاتسع ذلك في لسان العرب، وما ضاق، قال الله - عز
وجل - في آخر سورة الطلاق:(قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ) ، فسمى الرسول - كما ترى بالذكر نصا.
ومن رد " الهاء " في " الحفظ " من متقدم أو متأخر على " الذكر " فقد
هفا، وقاله على السلامة، ولم يدر ما تحته مما أثرناه عليه، من هذا
الواضح البين، والله يعفو عنه إن شاء الله.
ومن لج من أهل زماننا فيه - جاهلاً أو متجاهلاً - فقد أنبت
للجهمية جناحًا وباء بسخط من الله، وصار معهم بالسوية.