للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العفو على الله على المحتقب ذنبا مات عليه، وادعائهم أنه مخلد في النار من أجل أنه خلف لوعده عندهم، والثواب والعقاب عندهم واحد، فيقال لهم: إن كانت العلة في ذلك أن من أوعد قوما عقوبة ثم لم يفعلها كان خلفا وكذبا - ولا يجوز ذلك على الله - فهذه العلة قائمة في الدنيا قبل أن يصار إلى الآخرة، فما باله - جل وعلا - يقول قبل هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ) .

فيخبر عن قوم بأن مأواهم جهنم ثم لا يجعلها مأواهم، بل يجعل مأواهم الجنة بإحداث التوبة.

وما باله يقول: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) ، فيوجب عليه الخسران وحبط العمل، ثم يرده عليه بالتوبة ويجعله مفلحا بعد أن كان خاسرا.

وهو حينئذ واحد قد وعد شيئا، ثم فعل به غيره، وإن كان بالتوبة فعل به ما فعل فلم يفعل به ما وعد.

وتوبة هذا لم تحقق الوعد من الواعد على معنى ما ذهب إليه القوم،

<<  <  ج: ص:  >  >>