على الاستعفاف هم الذين لا نقد لهم يصدقون منه، وينفقون على
الأزواج، وهذا من أوضح دليل في وجوب النفقة، وتقديم
الصداق لمن تدبره.
فإن قال قائل: فلم لا تجعل هذا دليلا على التفريق بين من عجز عن
النفقة على امرأته وبينها، وهو من التأكيد بهذه المنزلة.
قيل: ليس المستدبر في ذلك كالمستقبل، لأن أمرهن في المستقبل
بأيدي أنفسهن، لا يجبرن على تزويج من لا يشتهين، وإذا حدث
الإعسار بعد عقدة النكاح فقد صار الأمر بيد الأزواج ولا سبيل إلى
تحريمهن إلا بطلاق يحدثه، وهو شيء يطلق الزوج به لسانه، فإذا
امتنع من الإنفاق معدوما كان أو واجدا فليس للإمام عليه سبيل إلا
مطالبته للزوجة بنفقتها، وحبسه به إن طلبته حتى يخرج إليه منها.
فإن امتنع مع الحبس من النفقة ولم يحل عقالها بالطلاق فهو ظالم لها.
كما يكون الغائب المنقطع الغيبة ظالما بحبس النفقة، فلا يطلق الحاكم
عليه، فكيف يفرق الحاكم بين امرأة المعسر وبينه، وإيساره أقرب
إمكانا من وصول نفقة يبعث بها الغائب إلى زوجته بعد ندامته من ألف
فرسخ.
فهي إلى أن يفرق بينها وبين ظالمها بالغيبة أقرب، وبه أجدر من معسر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute