للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويخربونها خرابا لا تعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه أخرجه الحاكم فى مستدركه* وفى المستدرك أيضا أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج قال العلماء لا يغير هذا البناء ويروى أن الخليفة هارون الرشيد وقيل أبوه المهدى وقيل جدّه المنصور أراد أن يغير ما صنعه الحجاج فى الكعبة وأن يردّها الى ما صنع ابن الزبير فهاه عن ذلك الامام مالك بن أنس وقال نشدتك الله يا أمير المؤمنين لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم أن يغيره الا غيره أو قال الا نقضه وبناه فتذهب هيبته من قلوب الناس كذا فى شفاء الغرام*

[نقل الحجر الاسود]

وذكر أهل التاريخ أن عبد الله أبا طاهر القرمطى وهو منسوب الى رجل يقال له حمدان قرمط وهى احدى قرى واسط وسيجىء فى الخاتمة فى خلافة المقتدر بالله وافى مكة فى سابع ذى الحجة وقيل فى ثامنه سنة سبع عشرة وثلاثمائة فى خلافة المقتدر بالله وفعل فيها هو وأصحابه أمورا منكرة منها أن بعضهم ضرب الحجر الاسود بدبوس فكسره ثم قلعه وقيل قلعه جعفر بن علاج البناء بأمر أبى طاهر يوم الاثنين بعد الصلاة لاربع عشرة ليلة خلت من ذى الحجة من السنة المذكورة وقلع الباب وأصعد رجلا من أصحابه ليقلع الميزاب فتردى ومات وأخذ اسلاب اهل مكة والحجاج وانصرف ومعه الحجر الاسود وعلقه على الاسطوانة السابعة من الجانب الغربى من جامع الكوفة ظنا منه أن الحج ينتقل الى الكوفة ثم حمل الى بلاد هجر وبقى عند القرامطة اثنين وعشرين سنة الا أربعة أيام كذا قال المسيحى وقيل الاشهرا وقيل ثمانية وعشرين سنة* وفى العرائس قلع القرمطى صاحب البحرين لعنه الله الحجر الاسود عام أوقع بالحجيج بمكة فذهب به مع أسرى من الحجاج الى البحرين وكان الامير يحكم التركى مدبرا للخلافة ببغداد بذل للقرمطى خمسين ألف دينار ليردّه فأبوا وقالوا أخذناه بأمر ولا نردّه الا بأمر* وقيل ان المطيع لله العباسى اشتراه بثلاثين ألف دينار من القرامطة كذا قال ابن جماعة فى منسكه وفيه نظر لان أبا طاهر مات قبل خلافة المطيع فى سنة اثنين وثلاثين وثلثمائة على ما ذكره ابن الاثير وغيره وقيل ان أبا طاهر باعه من المقتدر بالله بثلاثين ألف دينار وأعيد الى موضعه من البيت فى خلافة المطيع لله لخمس خلون من ذى الحجة سنة تسع وثلاثين وثلثمائة وبقى موضع الحجر الاسود من الكعبة خاليا مدّة بقائه عند القرامطة يضع الناس فيه أيديهم للتبرّك الى حين ردّ الى موضعه من الكعبة المعظمة وذلك فى يوم الثلاثا يوم النحر سنة تسع وثلاثين وثلثمائة على ما ذكره المسيحى روى أنه لما أخذه القرمطى هلك تحته أربعون جملا ولما أعيد أنفذ على قعود أعجف فسمن تحته وزاد جسمه الى مكة وذكر المسيحى أن الذى وافى به مكة سنبر ابن الحسن القرمطى وان سنبر لما صار بفناء الكعبة ومعه أمير مكة أظهر الحجر من سفط وعليه ضبات من فضة وقد عملت من طوله ومن عرضه تضبط شقوقا حدثت عليه بعد انقلاعه وأحضر معه جصا ليشدّ به فوضع سنبر الحجر بيده وشدّه الصانع بالجص وقال سنبر لما ردّه أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئة الله تعالى ونظر الناس الى الحجر فتنافسوه وقبلوه واستلموه وحمدوا الله تعالى وكان ردّ الحجر الى موضعه قبل حضور الناس لزيارة الكعبة يوم النحر وسيجىء فى الخاتمة فى خلافة المقتدر بالله وأما ما صنعه الحجبة بالحجر الاسود بأثر ردّ القرمطى له فذكر المسيحى أنه فى سنة أربعين وثلثمائة قلع الحجبة الحجر الاسود الذى نصبه سنبر وجعلوه فى الكعبة خوفا عليه وأحبوا أن يجعلوا له طوقا من فضة يشدّ به كما كان قديما حين عمله ابن الزبير فأخذ فى اصلاحه صانعان صادقان فعملا له طوقا من فضة وأحكماه ونقل المسيحى عن محمد بن نافع الخزاعى أن مبلغ ما على الحجر الاسود من الطوق وغيره ثلاثة آلاف وسبعمائة وتسعون درهما ونصف على ما قيل انتهى وهذه الحلية غير حلية الحجر الاسود الآن لان داود بن عيسى الحسنى أمير مكة أخذ طوق الحجر الاسود قبل عزله من مكة فى سنة خمس وثمانين وخمسمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>