القرية تعرف الآن بالخليل اسم ثاويها عليه السلام وهى قبلى بيت المقدس مستديرة حول المسجد من الجهات الاربع وبناؤها محدث بعد بناء السور السليمانى الذى هو المسجد بزمان طويل فان المغارة فى زمن ابراهيم كانت فى صحراء ولم يكن هناك بناء وكان ابراهيم مقيما بممرى فى مخيمه وهى بالقرب من بلد ابراهيم من جهة الشمال وهى أرض بها عين ماء وكروم واستمرّ الحال على ذلك بعد وفاة ابراهيم الى أن بنى سليمان السور على القبور الشريفة* روى أنه أمر الجنّ فبنوه بغير باب ومخرج ولما تم السور أمر الريح حتى رفعته من فوق السور وألقته الى الخارج فبقى السور كذلك من غير مدخل الى أن ثقب الروم أحجاره بالنار والخل وجعلوا له بابا ثم اختطت المدينة بعد ذلك وأوّل من اختط البناء حول السور رجل من الرامة من ذوى الاموال من بنى اسرائيل اسمه يوسف الرامى أدرك زمن عيسى عليه السلام وآمن به فبنى بالقرب من السور السليمانى بيوتا للسكنى تبرّكا بقبور الانبياء عليهم السلام ثم تتابع البناء قليلا قليلا فصارت هناك مدينة وهى محيطة بالمسجد من الجهات الاربع فبعضها مرتفع على رأس جبل وهو شرقى المسجد يسمى بيلون وبعضها منخفض فى واد هو غربى المسجد أما بناء السور السليمانى فانه بنى عقب بناء بيت المقدس وأما بناء مدينة ابراهيم فانه بعد زمن عيسى ومن رفع عيسى الى السماء الى آخر سنة تسعمائة وخمس وثلاثين من الهجرة ألف وخمسمائة سنة وثلاث وثلاثون سنة وأما حدود بلد ابراهيم المنسوبة اليه عرفا فمن جهة القبلة منزلة الملح على درب الحجاز وقباب الشاورية وهى قرية منسوبة الى بنى شاور من أمراء عرب جرم ومن جهة المشرق عين جدى من عمل بلد ابراهيم وبحرة لوط وهذا الحدّ هو الفاصل بين عمل بلد ابراهيم وعمل مدينة الكرك ومن جهة الشمال عمل القدس يفصل بينهما قرية ساعير وما حاذاها ومن جهة الغرب مما يلى الرملة وما يحاذيها قرية زكريا وهى من أعمال الخليل ومن جملة وقفه ومما يلى غزوة وما يحاذيها قرية سيسمح المجاورة لقرية السكرية وبلاد بنى عبد وهى من أعمال الخليل وأما المسافة بين مدينة ابراهيم وبين بيت المقدس فهى قريبة من بريدين بينهما بيت لحم وهى قرية على نحو ربع بريد من القدس من جهة القبلة وغالب سكان هذه القرية فى عصرنا نصارى وبها كنيسة محكمة البناء فيها ثلاثة محاريب مرتفعة أحدها موجه الى جهة القبلة والثانى الى جهة المشرق والثالث الى جهة الصخرة وسقفها خشب مرتفعة على خمسين عمودا من الصخر الاصفر الصلب غير السوارى المبنية بالاحجار وأرضها مفروشة بالرخام وعلى ظاهر سطحها رصاص فى غاية الاحكام وهى من بناء هيلانة أمّ قسطنطين وفى داخلها مولد عيسى عليه السلام فى مغارة بين المحاريب الثلاثة وللنصارى بها اعتناء يأتون اليها من بلاد الفرنج وغيرها بالاموال للرهابين المقيمين بالدير المجاورين للكنيسة وأما قبر مريم ففى بيت المقدس فى كنيسة فى ذيل جبل طور زيتاء تسمى الجيسمانية خارج باب الاسباط وهو مكان يقصده الناس للزيارة من المسلمين والنصارى وهذه الكنيسة من بناء هيلانة وبين بيت المقدس وبيت لحم قبر راحيل أمّ يوسف عليه السلام الى جنب الطريق فى قبة موجهة الى جهة صخرة بيت المقدس والله أعلم*
[(ذكر ختن ابراهيم عليه السلام)]
* فى الانس الجليل عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال اختتن ابراهيم النبىّ صلّى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم بالتخفيف والتشديد* وفى العرائس اختتن ابراهيم بقدوم فى موضع يقال له قدوم وهو ابن مائة وعشرين سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وروى عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال ربط ابراهيم عليه السلام غرلته وجمعها اليه ومدّها قدّامه وضرب قدومه بعود كان معه فندرت بين يديه بلا ألم ولادم وختن اسماعيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة وختن اسحاق وهو ابن سبعة أيام وعن عكرمة اختتن ابراهيم وهو ابن ثمانين سنة فأوحى الله تعالى اليه انك أكملت ايمانك الا بضعة من جسدك