أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه اذا قرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين وخافوا أن تفتن نساؤهم وأبناؤهم فأرسلوا الى ابن الدغنة أن قل لابى بكر أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره ولا يعلن بالصلاة فانا قد خشينا أن تفتن نساؤنا وأبناؤنا فانهه فان قبل فعل وان أبى الا أن يعلن بذلك فسله أن يردّ اليك ذمّتك ولسنا مقرّين لابى بكر الاستعلان فأتى ابن الدغنة أبا بكر وقال له ما قال له المشركون قال أبو بكر انى أردّ اليك جوارك وأرضى بجوار الله تعالى والنبىّ صلّى الله عليه وسلم يومئذ بمكة*
[(ذكر هجرة أصحابه الى المدينة)]
* قال أهل السير لما أبرم عقد المبايعة بين النبىّ صلّى الله عليه وسلم وبين أهل المدينة ولم يقدر أصحابه أن يقيموا بمكة من ايذاء المشركين ولم يصبروا على جفوتهم رخص لهم فى الهجرة الى المدينة* وفى الصحيحين قال عليه السلام رأيت انى مهاجر من مكة الى أرض بها نخل فذهب وهلى الى اليمامة أو هجر فاذا هى المدينة يثرب ووقع للبيهقى من حديث صهيب رأيت دار هجرتكم سبخة بين ظهرانى حرّتين فامّا أن تكون هجر أو يثرب ولم يذكر اليمامة* قال بعض العلماء أرى النبىّ صلّى الله عليه وسلم دار هجرته بصفة تجمع المدينة وغيرها ثم أرى الصفة المختصة بالمدينة فتعينت ثم أذن النبىّ صلّى الله عليه وسلم لاصحابه فى الهجرة الى المدينة وأقام بمكة ينتظر أن يؤذن له فى الخروج فتوجه بين العقبتين جماعة منهم ابن أمّ مكتوم ثم عمار بن ياسر ثم بلال وسعد ابن أبى وقاص ويقال انّ أوّل من هاجر الى المدينة أبو سلمة بن عبد الاسد المخزومى زوج أمّ سلمة وذلك انه أوذى لما رجع من الحبشة فعزم على الرجوع اليها ثم بلغه قصة الاثنى عشر من الانصار فتوجه الى المدينة فقدمها بكرة وقدم بعده عامر بن ربيعة عشية ثم توجه مصعب بن عمير ليفقه من أسلم من الانصار ثم توالى خروجهم بعد العقبة الاخيرة فخرجوا أرسالا منهم عمر بن الخطاب وأخوه زيد ابن الخطاب وطلحة بن عبيد الله وصهيب وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وعبيدة بن الحارث وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوّام وعثمان بن عفان وغيرهم لم يبق معه صلّى الله عليه وسلم الا أبو بكر الصدّيق وعلى بن أبى طالب كذا قال ابن اسحاق وغيره* وفى بعض كتب السير أوّل من هاجر الى المدينة أبو سلمة بن عبد الاسد المخزومى قبل بيعة العقبة بسنة ثم قدم المدينة بعد أبى سلمة عامر ابن ربيعة مع امرأته ليلى ثم عبد الله بن جحش ثم أبو أحمد بن جحش ثم تتابع الاصحاب الى المدينة أرسالا* وفى سيرة مغلطاى عن ابن اسحاق ثم عمر بن الخطاب وأخوه زيد بن الخطاب وعباس بن أبى ربيعة وطلحة بن عبيد الله وصهيب وزيد بن حارثة وأبو مرثد كناز بن الحصين وابنه مرثد وأنسة وأبو كبيشة وعبيدة بن الحارث وأخوه الطفيل وحصين ومسطح بن أثاثة وسويبط وعبد الرحمن بن عوف والزبير ابن العوّام وأبو سبرة وأبو حذيفة بن عتبة وسالم مولاه وعتبة بن غزوان وعثمان بن عفان انتهى وبقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلىّ بمكة وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له فى الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المسلمين الا أخذ وحبس أو فتن الا على بن أبى طالب وأبو بكر وابو بكر كثيرا ما كان يستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى الهجرة فيقول له رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا تعجل لعلّ الله أن يجعل لك صاحبا فرجا أبو بكر أن يكون ذلك الصاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم* وفى صحيح البخارى تجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم على رسلك فانى لارجو أن يؤذن لى فقال له أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبى أنت وأمى قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر لتسمنا وينتظر أنه صلّى الله عليه وسلم متى يؤمر بالهجرة الى المدينة روى انّ أبا بكر رأى فى المنام فى بعض تلك الايام انّ القمر نزل من السماء بطحاء مكة ودخل البلد الحرام فأضاءت منه أمّ القرى