على ما ذكره أبو شامة وغيره ولم أتحقق أن الحجر الاسود قلع من موضعه بعد ردّ القرامطة له الى يومنا هذا غير أن بعض الفقهاء المصريين أخبرنى أن الحجر قلع من موضعه سنة احدى وثمانين وسبعمائة وأما ما أصاب الحجر الاسود بعد فتنة القرامطة له من بعض الملاحدة مثلهم فذكر أبو عبد الله محمد بن على بن عبد الرحمن أنه فى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة يوم النفر الاوّل قام رجل فقصد الحجر الاسود فضربه ثلاث ضربات بدبوس فتشقق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شطايا مثل الاظفار وخرج مكسره أسمر يضرب الى الصفرة محببا مثل الخشخاش فأقام الحجر على ذلك يومين ثم ان بنى شيبة جمعوا الفتات وعجنوها بالمسك واللك وحشوا الشقوق وطلوها بطلاء من ذلك وذكر ابن الاثير هذه الحادثة فى أخبار سنة أربع عشرة وأربعمائة ثم بعث الوليد بن عبد الملك الى واليه على مكة خالد بن عبد الله القشيرى بستة وثلاثين ألف دينار فضرب منها على باب الكعبة صفائح الذهب وعلى ميزاب الكعبة وعلى الاساطين التى فى بطنها وعلى الاركان التى فى جوفها فكل ما على الاركان والميزاب من الذهب فهو من عمل الوليد وهو أوّل من ذهب البيت فى الاسلام وأما ما كان على الباب من عمل الوليد فبقى كذلك الى أن رق وتفرّق فرفع ذلك للمعتصم محمد بن الرشيد فى خلافته فأرسل الى سالم بن الجرّاح عامله على مكة بثمانية عشر ألف دينار ليضرب بها صفائح على باب الكعبة فقلع ما كان على الباب من الصفائح وزاد عليه الثمانية عشر ألف دينار فضرب الصفائح التى عليه اليوم وحلقتا الباب والعتبة كلها من عمل أمير المؤمنين المعتصم محمد بن الرشيد فالذى على الباب من الذهب ثلاثة وثلاثون ألف مثقال وعمل للوليد بن عبد الملك الرخام الاخضر والابيض والاحمر فى بطنها مؤزرا به جدرانها وفرشها بالرخام فجميع ما فى الكعبة من الرخام هو من عمل الوليد بن عبد الملك وهو أوّل من فرشها بالرخام وازربه جدرانها وهو أوّل من زخرف المساجد*
أوّل من كسا الكعبة
قال الازرقى قال ابن جريج كان تبع أوّل من كسا البيت كسوة كاملة أرى فى المنام أن يكسوها فكساها الايطاع ثم أرى أن يكسوها فكساها الوصائل وهى ثياب مخططة يمانية كذا فى الصحاح* وفى ايضاح النووى الوصائل ثياب حبرة من عصب اليمن* وفى الوفاء اسم تبع الذى كسا الكعبة أسعد* وفى شفاء الغرام كسيت الكعبة فى الجاهلية والاسلام أنواعا من الكساء منها الخصف والمغافر والملاء والوصائل والعصب كساها كلها تبع الحميرى وكان مؤمنا وقد سبق ذكره وكساها النبىّ صلّى الله عليه وسلم ثيابا يمانية وكساها أبو بكر وعمرو عثمان قباطى من مصر وكساها معاوية وابن الزبير رضى الله عنهم ومن بعدهم كذا روى الازرقى وكانت تكسى يوم عاشوراء ثم صار معاوية يكسوها فى السنة مرّتين ثم كان المأمون يكسوها ثلاث مرّات فيكسوها الديباج الاحمر يوم التروية والقباطى يوم هلال رجب والديباج الابيض يوم سبع وعشرين من رمضان وهذا الابيض ابتدأه المأمون سنة ست ومائتين حين قالوا له الديباج الاحمر يتخرّق قبل الكسوة الثانية فسأل عن أحسن ما تكون الكعبة فيه قيل الديباج الابيض ففعله وكان عبد الله بن الزبير يجمر الكعبة كل يوم برطل من الطيب ويوم الجمعة برطلين وأجرى معاوية للكعبة الطيب لكل صلاة وأجرى الزيت لقناديل المسجد الحرام من بيت المال*
[ذرع الكعبة]
وفى تشويق الساجد أما ذرع الكعبة الشريفة وذرع ما بين الاركان وغيرهما فاعلم أن الذراع أربع وعشرون أصبعا مضمومة سوى الابهام بعدد حروف لا اله الا الله محمد رسول الله والاصبع ست شعيرات والشعيرة ست شعرات من شعر البغل وذرع الكعبة الشريفة اليوم ارتفاعها الى السماء سبعة وعشرون ذراعا وربع ذراع ومن الركن الاسود الى الركن العراقى ثلاثة وعشرون ذراعا وربع ذراع ومن الركن العراقى الى الركن الشامى اثنان وعشرون ذراعا ومن الركن الشامى الى الركن اليمانى أربعة وعشرون ذراعا