وعسكر فى مائتى رجل ومعهم عشرون فرسا واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم فسلك على غراب جبل بناحية المدينة الى الشام ثم على مخيض تم على البتراء ثم ذات اليسار فخرج على بين ثم على صخيرات اليمام ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة فأسرع السير حتى انتهى الى منازلهم ببطن عران بخط السلفى كتب تحت العين عين صغيرة وقال ابن الاثير بضم الغين المعجمة وفتح الراء وهو واد بين أمج وعسفان وبينه وبين عسفان خمسة أميال حيث كان مصاب أصحاب الرجيع الذين قتلوا فوجد بنى لحيان قد حذروا وتمنعوا فى رؤس الجبال فترحم على أصحاب الرجيع ودعا لهم واستغفر وأقام هناك يوما أو يومين يبعث السرايا فى كل ناحية فلما أخطأ من غرتهم ما أراد قال لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة فخرج فى مائتى راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم كرّا ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا وكان جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين وجه راجعا آيبون تائبون ان شاء الله تعالى لربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكابة المنقلب وسوء المنظر فى الاهل والمال كذا فى الاكتفاء* وفى رواية بعث أبا بكر فى عشرة فوارس من عسفان ليسمع بهم قريش فيذعرهم فأتوا كراع الغميم ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا وانصرف صلى الله عليه وسلم الى المدينة ولم يلق كيدا وكانت غيبته عن المدينة أربع عشرة ليلة*
[زيارة النبي ص قبر أمه]
وفى هذه السنة زار قبر أمّه روى أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع من بنى لحيان وقف على الابواء فنظر يمينا وشمالا فرأى قبر آمنة أمه فتوضأ ثم صلى ركعتين فبكى وبكى الناس لبكائه ثم قام فصلى ركعتين ثم انصرف الى الناس فقال ما الذى أبكاكم قالوا بكيت فبكينا يا رسول الله قال ما ظننتم قالوا ظننا أنّ العذاب نازل علينا قال لم يكن من ذلك شئ قالوا ظننا أنّ أمتك كلفت من الاعمال ما لا يطيقون قال لم يكن من ذلك شئ ولكنى مررت بقبر أمى فصليت ركعتين ثم استأذنت ربى عز وجل أن أستغفر لها فنهيت فبكيت ثم عدت وصليت ركعتين فاستأذنت ربى عز وجل أن أستغفر لها فزجرت زجرا فأبكانى ثم دعا براحلته فركبها فسار يسيرا فقامت الناقة لثقل الوحى فأنزل الله ما كان للنبىّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى الى آخر الايتين فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم أشهد كم أنى برىء من آمنة كما تبرأ ابراهيم من أبيه* وفى رواية لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة زار قبر أمه بالابواء ثم قام متغيرا ذكره الطيبى فى شرح المشكاة* وفى رواية لما مرّ بالابواء فى عمرة الحديبية زار قبرها وعن أبى هريرة قال زار النبىّ صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربى فى أن أستغفر لها فلم يأذن لى واستأذنته فى أن أزور قبرها فأذن لى فزوروا القبور فانها تذكر الموت* وعن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الاضاحى فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ الا فى سقاء فاشربوا فى الاسقية كلها ولا تشربوا مسكرا رواهما مسلم* وعن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تزهد فى الدنيا وتذكر الاخرة رواه ابن ماجه* وعن محمد بن النعمان يرفعه الى النبىّ صلى الله عليه وسلم قال من زار قبر أبويه أو أحدهما فى كل جمعة غفر له وكتب برّا رواه البيهقى فى شعب الايمان* وعن بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم اذا خرجوا الى المقابر ان يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لا حقون نسأل الله لنا ولكم العافية رواه مسلم* وعن أبى هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوّارات القبور رواه أحمد والترمذى وابن ماجه وقد رأى بعض أهل العلم انّ هذا كان قبل أن يرخص النبىّ صلى الله عليه وسلم فى زيارة القبور فلما رخص دخل فى رخصته