ابن البراء قال قالت آمنة ولدته جاثيا على ركبتيه ينظر الى السماء ثم قبض قبضة من الارض فأهوى ساجدا وغطيت عليه اناء فوجدته قد تفلق الاناء عليه وهو يمص ابهامه تشخب لبنا* وفى المنتقى ورد أنه صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع جاثيا على ركبتيه وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الايل ببصرى رافعا رأسه الى السماء فحقق الله بذلك رؤيا أمه* وفى المواهب اللدنية قال فى اللطائف وخروج هذا النور عند وضعه اشارة الى ما يجىء به من النور الذى اهتدى به أهل الارض وزال به ظلمة الشرك كما قال تعالى قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه* وأما اضاءة قصور بصرى بالنور الذى خرج معه فهو اشارة الى ما خص الشام من نور نبوّته فانها دار ملكه كما ذكر كعب ان فى الكتب السالفة محمد رسول الله مولده مكة ومهاجره يثرب وملكه بالشام ولهذا اسرى به صلّى الله عليه وسلم الى الشام الى بيت المقدس كما هاجر قبله ابراهيم عليه السلام الى الشام وبها ينزل عيسى ابن مريم عليهما السلام وهى أرض المحشر والمنشر* وفى المنتقى كانت سنتهم فى المولود اذا ولد فى استقبال الليل كفأوا عليه قدرا حتى يصبح ففعلوا ذلك بالنبىّ صلّى الله عليه وسلم فأصبحوا وقد انشق عنه القدر وهو شاخص ببصره الى السماء وفيه أيضا روى أنها لما ولدته صلّى الله عليه وسلم أرسلت الى عبد المطلب وجاءه البشير وهو جالس فى الحجر معه ولده ورجال من قومه فأخبره أن آمنة ولدت غلاما فسرّ بذلك عبد المطلب وقام هو ومن كان معه ودخل عليها فأخبرته بكل ما رأت وما قيل لها وما أمرت به فأخذه عبد المطلب فأدخله جوف الكعبة وقام عندها يدعو الله ويشكره بما أعطاه فقال يومئذ
الحمد لله الذى أعطانى ... هذا الغلام الطيب الاردان
قد ساد فى المهد على الغلمان ... أعيذه بالبيت ذى الاركان
حتى أراه بالغ البيان ... أعيذه من شرّ ذى شنآن
من حاسد مضطرب العينان
روى أنه لما ولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر عبد المطلب بجزور فنحرت ودعا رجالا من قريش فحضروا وطعموا* وفى بعض الكتب كان ذلك يوم سابعه يعنى عقيقته فلما فرغوا من أكله قالوا ما سميته قال سميته محمدا قالوا لم رغبت عن أسماء آبائه قال أردت أن يكون محمودا فى السماء لله وفى الارض لخلقه قيل بل سمته بذلك أمه لما رأته وقيل لها فى شأنه ويمكن أن يجمع بين القولين بأن يقال نقلت أمه لجدّه ما رأته فسماه به فوقعت التسمية منه واذا كانت هى سببها يصح القول بأنها سمته به*
(ذكر ختانه صلّى الله عليه وسلم)
اختلف فى ختانه على ثلاثة أقوال وسيجىء* جمهور أهل السير والتواريخ على انه صلّى الله عليه وسلم ولد معذورا مسرورا أى مختونا مقطوع السرّ وسيجىء بيان الاعذار وأعجب ذلك عبد المطلب وحظى عنده وقال ليكونن لا بنى هذا شأن* وفى المواهب اللدنية روى من حديث أبى هريرة عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم عند ابن عساكر وروى الطبرانى فى الاوسط وأبو نعيم والخطيب وابن عساكر من طرق عن أنس بن مالك أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال من كرامتى على ربى انى ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتى وصححه أيضا فى المختارة* وعن ابن عمر قال ولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم مسرورا مختونا رواه ابن عساكر قال الحاكم فى المستدرك تواترت الاخبار أنه صلّى الله عليه وسلم ولد مختونا انتهى وتعقبه الحافظ الذهبى فقال ما أعلم صحة ذلك فكيف يكون متواترا* أجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الاخبار اشتهارها وكثرتها فى السير لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث ولكن قد حكى الحافظ زين الدين العراقى ان الكمال بن العديم