ولا نعصيه فى معروف والسمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة علينا وأن لا ننازع الامر أهله وأن نقول بالحق حيث كنا لا نخاف فى الله لومة لائم قال عليه السلام فان وفيتم فلكم الجنة ومن غشنى وفعل من ذلك شيئا كان أمره الى الله ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه ولم يفرض يومئذ القتال ثم انصرفوا الى المدينة وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير الى المدينة يعلم أهلها الاحكام ويقرئ القرآن فنزل على أسعد بن زرارة وفى المواهب اللدنية أظهر الله الاسلام أى فى المدينة وكان أسعد بن زرارة يجتمع بالمدينة بمن أسلم وكتبت الاوس والخزرج الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ابعث الينا من يقرئنا القرآن فبعث اليهم مصعب بن عمير فأسلم خلق كثير وفشا الاسلام فيهم وكتب الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستأذنه أن يجمع بهم فأذن له فجمع بهم فى دار سعد بن خيثمة وكان أوّل من جمع الجمعة بالمدينة بالمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم قدم مصعب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع السبعين الذين وافوه كما سيجىء فى العقبة الثانية فأقام مصعب بمكة قليلا ثم قدم قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا فهو أوّل من قدمها والله أعلم*
[(ذكر صفة مصعب بن عمير)]
* كان رقيق البشرة ليس بالطويل ولا بالقصير قتل يوم أحد وهو ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا كذا فى الصفوة وسيجىء فى الموطن الثالث فى غزوة أحد*
[ذكر بيعة العقبة الكبرى]
وفى ذى الحجة من السنة الثالثة عشر من النبوّة قبل الهجرة بثلاثة أشهر وقعت بيعة العقبة الكبرى وبعضهم يسميها العقبة الثانية ومقتضى ما قدّمناه أن تسمى الثالثة كذا فى الوفاء وفى التاريخ الاوسط للبخارى انّ أهل مكة سمعوا هاتفا يهتف قبل اسلام سعد بن معاذ وهو يقول
فان يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف مخالف
وفى رواية من الأمن لا يخشى خلاف مخالف فقالت قريش لو علمنا من السعدان قال عند ذلك
أيا سعد سعد الاوس ان كنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا الى داعى الهدى وتمنيا ... على الله فى الفردوس منية عارف
قال أهل السير فى السنة الثالثة عشر من النبوّة قدم مكة فى موسم الحج قريب من خمسمائة نفر وفى رواية ثلثمائة نفر من الاوس والخزرج وخرج معهم مصعب بن عمير الى مكة واتفق منهم سبعون رجلا قال ابن سعد يزيدون رجلا أو رجلين وامرأتان نسيبة بنت كعب أمّ عمارة وأسماء بنت عمر وقال ابن اسحاق ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان وقال الحاكم خمس وسبعون نفسا لاقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فواعدهم أن يحضروا شعب العقبة فى الليلة الثالثة من ليالى التشريق للمبايعة* وفى الصفوة جاء قوم من أهل العقبة يطلبون رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقيل لهم هو فى بيت العباس فدخلوا عليه فقال لهم العباس انّ معكم من قومكم هو مخالف لكم فأخفوا أمركم حتى يتصدع هذا الحاج ونلتقى نحن وأنتم فنوضح لكم هذا الامر فتدخلون فيه على أمر بين فوعدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم الليلة التى فى صبيحتها النفر الآخر وفى رواية فواعدوه العقبة من أوسط أيام التشريق والمعنى واحد أن يوافيهم أسفل العقبة وأمرهم أن لا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا ولما فرغوا من الحج وكانت الليلة الموعودة خرج القوم بعد هدء الناس* وفى المنتقى باتوا تلك الليلة فى رحالهم حتى اذا مضى ثلث الليل خرجوا من رحالهم لميعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتسللون مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعوا فى الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعين رجلا ومعهم امرأتان أمّ عمارة بنت كعب احدى نساء بنى مازن وأسماء بنت عمرو بن عدىّ احدى نساء بنى سليم وقد سبقهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومعه العباس