للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت امرأته بناحيتها وقالت انك امرؤ محارب وان أصحاب الحرب لا ينزلون فى مثل هذه الساعة كلمه من فوق الحصن قال انه أبو نائلة رضيعى فانه لو وجدنى نائما ما أيقظنى قالت والله انى لا عرف فى صوته الشرّ فانى أسمع صوتا يقطر منه الدم فقال كعب لو يدعى الفتى لطعنة لاجاب* وفى رواية قال ان الكريم اذ ادعى الى طعنة بليل لاجاب فنزل اليهم متوشحا وينفح منه ريح الطيب قتحدّث معهم ساعة قالوا له هل لك أن نتماشى الى شعب العجوز فتتحدّث فيه بقية ليلتنا هذه قال ان شئتم فخرجوا يتماشون وكان أبو نائلة قال لاصحابه انى فاتل شعره لأشمه فاذا رأيتمونى استمكنت من رأسه فدونكم عدوّ الله فاضربوه ثم انه شام يده فى فود رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليل طيب عروس أعطر قط قال انه طيب أم فلان يعنى امرأته ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها جتى اطمأنّ ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه حتى استمكن منه ثم قال اضربوا عدوّ الله فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا قال محمد بن مسلمة فتذكرت معولا كان فى سيفى حين رأيت أسيافنا لا تغنى شيئا فأخذته وقد صاح عدوّ الله صيحة لم يبق حولنا حصن الا أوقدت عليه نار قال فوضعته فى ثنته* وفى رواية فى سرّته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته فوقع عدوّ الله وقد أصيب الحارث بن أوس بجرح فى رجله أو رأسه أصابه بعض أسيافنا فخرجنا حتى أسندنا فى حرّة العريض وقد أبطأ علينا الحارث بن أوس لجرحه ونزفه الدم فوقفنا له ساعة حتى أتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلى فسلمنا عليه فخرج الينا فأخبرناه بقتل عدوّ الله كعب وجئنا برأسه اليه وتفل على جرح صاحبنا فبرأ فى الحال ولم يؤذه بعد فرجعنا الى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدوّ الله فليس بها يهودى الا وهو يخاف على نفسه* وفى روضة الاحباب حملوا رأسه الى المدينة فخرج أهل الحصن فى آثارهم وسلكوا طريقا آخر ففاتوهم ولما بلغ محمد بن مسلمة وأصحابه بقيع الغرقد كبروا وكان النبىّ صلّى الله عليه وسلم يصلى فسمع صوت تكبيرهم فعلم أنهم قتلوه فلما انتهوا الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال أفلحت الوجوه قالوا ووجهك يا رسول الله وأتوا برأس عدوّ الله فحمد الله تعالى وأثنى عليه* وفى شرف المصطفى ان الذين قتلوه حملوا رأسه فى مخلاة الى المدينة فقيل انه أوّل رأس حمل فى الاسلام كذا فى المواهب اللدنية* روى أن رهط كعب بن الاشرف جاؤا الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم فقالوا قتل سيدنا غيلة من غير جناية وسبب قال انه كان يهجونا ويؤذى المسلمين ويحرض المشركين علينا فخافوا وسكتوا ورجعوا* قال ابن اسحاق وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود على سبيبة رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود أخو محيصة اذ ذاك لم يسلم وكان أسنّ من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول أى عدوّ الله قتلته أما والله لرب شحم فى بطنك من ماله قال له محيصة والله لو أمرنى بقتلك من أمرنى بقتله لضربت عنقك قال آلله لو أمرك محمد بقتلى لتقتلنى قال نعم قال له والله ان دينا بلغ بك هذا لعجب فأسلم حويصة كذا فى معالم التنزيل*

تزوّج عثمان بن عفان بأمّ كلثوم

وفى هذه السنة تزوّج عثمان بن عفان أمّ كلثوم بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم تلد ولدا وقيل ولدت ولم يعش منها ولا من أختها وفى بعض الكتب تزوّجها عثمان فى ربيع الاوّل وأدخلت عليه فى جمادى الآخرة والله أعلم وسيجىء وفاتها فى السنة التاسعة ان شاء الله تعالى*

[غزوة غطفان]

وفى هذه السنة لثنتى عشرة ليلة مضت من ربيع الاوّل على رأس خمسة وعشرين شهرا من الهجرة وقعت غزوة غطفان وهى غزوة ذى أمر بفتح الهمزة وسماها الحاكم غزوة أنمار وهى بناحية نجد وهى التى صلّى فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم على راحلته متطوّعا متوجها قبل المشرق* وفى سيرة ابن هشام لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذى الحجة أو قريبا منها ثم غزا نجدا يريد غطفان وهى غزوة ذى أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>