الذين كان أبو بكر امدّه بهم وبلغه عن الامراء يعنى أمراء المسلمين الذين امدّهم ابو بكر وتوجههم اليه اقتحم على الروم وطلب الحظوة وأعرى ظهره وبادر الامراء لقتال الروم واستطرد له ماهان فارّاهو ومن معه الى دمشق واقتحم خالد فى الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر ما بين الواقصة ودمشق فانطوت مشايخ ماهان عليه واخذوا عليه الطرق ولا يشعر وزحف له ماهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر فى الناس فقتلوه فأتى الخبز خالدا فخرج هاربا فى جريدة خيل ولم تنته بخالد الهزيمة عن ذى المروة وأقام عكرمة فى الناس ردئا لهم فردّ عنهم ماهان وجنوده أن يطلبوهم وأقام من الشام على قرب منها* وذكر ابن اسحاق مسير الامراء ومنازلهم وان يزيد بن أبى سفيان نزل البلقاء ونزل شرحبيل بن حسنة الاردن ويقال بصرى ونزل أبو عبيدة الجابية* وعن غير ابن اسحاق انه لما نزل أبو عبيدة بالجابية كتب الى أبى بكر* أما بعد فانّ الروم وأهل البلد ومن كان على دينهم من العرب قد أجمعوا على حرب المسلمين ونحن نرجو النصر وانجاز موعد الرب تبارك وتعالى وعادته الحسنى واحببت اعلام ذلك لترينا رأيك*
[توجه خالد بن الوليد من العراق الى الشام]
فقال أبو بكر والله لانسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد وكان خالد اذ ذاك يلى حرب العراق فكتب اليه أبو بكر* أما بعد فدع العراق وخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم وهم فيه وامض مختفيا فى أهل القوّة من اصحابك الذين قدموا معك العراق من اليمامة وصحبوك فى الطريق وقدموا عليك من الحجاز حتى تأتى الشام فتلقى أبا عبيدة ومن معه من المسلمين فاذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام* ويروى انه كان فيما كتب اليه به أن سر حتى تأتى جموع المسلمين باليرموك فإنهم قد شجوا وأشجوا واياك أن تعود لمثل ما فعلت فانه لم يشج الجموع بعون الله سبحانه أحد من الناس اشجاءك ولم ينزع الشجا أحد من الناس نزعك فلتهنك أبا سليمان النعمة والحظوة فأتمم يتمم الله لك ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل واياك أن تدل بعمل فانّ الله تعالى له المنّ وهو ولىّ الجزاء ووافى حالدا كتاب أبى بكر هذا وهو بالحيرة منصرفا من حجة حجها مكتتما بها وذلك انه لما فرغ من ايقاعه بالروم ومن انضوى اليهم مغيثا لهم من مشايخ فارس بالفراض والفراض تخوم الشام والعراق والجزيرة أقام بالفراض عشرا ثم اذن بالقفل الى الحيرة لخمس بقين من ذى القعدة وأمر عاصم بن عمرو أن يسير بهم وأمر شجرة بن الاغر أن يسوقهم وأظهر خالد أنه فى الساقة وخرج من الحيرة ومعه عدّة من أصحابه يعتسف البلاد حتى أتى مكة بالسمت فتأتى له فى ذلك ما لم يتأت لدليل ومرسال فسار طريقا من طرق الجزيرة لم ير طريق أعجب منه فكانت غيبته عن الجند يسيرة ما توا فى الى الحيرة آخرهم حتى واماهم مع صاحب الساقة الذى وضعه وقدما جميعا وخالد وأصحابه مخلفون ولم يعلم بحجه الا من أفضى اليه بذلك من الساقة ولم يعلم أبو بكر بذلك الا بعد فهو الذى يعنيه بما تقدم فى كتابه اليه من معاتبته اياه وقدم على خالد بالكتاب عبد الرحمن بن حنبل الجمعى فقال له خالد قبل أن يقرأ كتابه ما وراءك فقال خير تسير الى الشام فشق عليه ذلك وقال هذا عمل عمر نفسى علىّ أن يفتح الله علىّ العراق وكانوا هابوه هيبة شديدة وكان خالد اذا نزل بقوم عذابا من عذاب الله عليهم وليثا من الليوث فلما قرأ كتاب أبى بكر فرأى أن قد ولاه على أبى عبيدة وعلى الشام تسخى بنفسه وقال أما اذولانى فانّ فى الشام من العراق خلفا فقام اليه النسر بن ديسم العجلى وكان من أشراف بنى عجل وفرسان بكر بن وائل ومن رؤس أصحاب المثنى بن حارثة فقال لخالد أصلحك الله والله ما جعل الله فى الشام من العراق خلفا للعراق اكثر حنطة وشعيرا وديباجا وحريرا وفضة وذهبا وأوسع سعة وأعرض عرضا والله ما الشام كله الا كجانب من العراق فكره المثنى مشورته عليه وكان يحب أن يخرج من العراق ويخليه واياها فقال خالد انّ بالشأم أهل الاسلام وقد