صلى الله عليه وسلم قرأها على أبى بكر فقال بلى أحب أن يغفر الله لى فرجع الى مسطح النفقة التى كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا* وروى عن عائشة انها قالت والله ان الرجل الذى قيل له ما قيل تعنى صفوان ليقول سبحان الله فو الذى نفسى بيده ما كشفت من كنف أنثى قط قالت ثم قتل بعد ذلك فى سبيل الله* ولقد برّأ الله أربعة بأربعة برأ يوسف عليه السلام بلسان الشاهد وشهد شاهد من أهلها وبرأ موسى عليه السلام من قول اليهود فيه بالحجر الذى ذهب بثوبه وبرّأ مريم بانطاق ولدها حين نادى من حجرها انى عبد الله الآية وبرّأ عائشة بهذه الآيات العظام فى كتابه المعجز المتلوّ على وجه الدهر مثل هذه التبرئة بهذه المبالغات فانظركم بينها وبين تبرئة أولئك وما ذاك الالاظهار علوّ منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتنبيه على انافة سيد ولد آدم وخير الاوّلين والآخرين وحجة رب العالمين* روى انه دخل ابن عباس على عائشة فى مرضها وهى خائفة من القدوم على الله فقال لا تخافى فانك ما تقدمين الا على مغفرة ورزق كريم وتلا الخبيثات للخبيثين الى قوله لهم مغفرة ورزق كريم فغشى عليها فرحا بما تلا* وعن عائشة أنها قالت لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهنّ امرأة لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حين أمر رسول الله أن يتزوّجنى ولقد تزوّجنى بكرا وما تزوّج بكرا غيرى ولقد توفى وان رأسه لفى حجرى ولقد قبر فى بيتى وان الوحى ينزل فى أهله فيتفرقون عنه وان كان لينزل عليه وأنا معه فى لحاف واحد وانى ابنة خليفته وصديقه ولقد نزل عذرى من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما* وكان مسروق اذا روى عن عائشة قال حدّثتنى الصدّيقة ابنة الصدّيق حبيبة رسول الله المبرّأة من السماء كذا فى معالم التنزيل*
[اعطاء الرسول بئر بيرحا لحسان بن ثابت]
وذكر ابن اسحاق أن حسان بن ثابت مع ما كان منه فى صفوان بن المعطل من القول السيئ قال مع ذلك شعرا يعرّض فيه بصفوان ومن أسلم من مضر يقول فيه
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
فلما بلغ ذلك ابن المعطل اعترض حسان بن ثابت فضربه بالسيف ثم قال
فوثب عند ذلك ثابت بن قيس بن شماس على صفوان فجمع يديه الى عنقه بحبل ثم انطلق به الى دار بنى الحارث بن الخزرج فلقيه عبد الله بن رواحة فقال ما هذا قال أما أعجبك ضرب حسان بالسيف والله ما أراه الا قد قتله فقال له ابن رواحة هل علم رسول الله بشىء مما صنعت قال لا والله قال لقد اجترأت أطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فدعا حسان وصفوان فقال صفوان يا رسول الله آذانى وهجانى فاحتملنى الغضب فضربته فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لحسان يا حسان أشوّهت على قومى أن هداهم الله للاسلام ثم قال يا حسان أحسن فى الذى أصابك قال هى لك فأعطاه رسول الله عوضا منها بيرحا بالحاء المهملة بعدها ألف مقصورة من غير مدّ وروى فيها الاعراب بالحركات على الراء فى الاحوال الثلاث مع الاضافة الى حاء وأنكره أبو ذرّ وقال انما هى بفتح الراء فى كل حال* قال الباجى عليه أدركت أهل العلم بالمشرق وكذا عند القاضى عياض كذا فى البحر العميق* وهى قصر بنى جديلة اليوم بالمدينة ثم باعها حسان من معاوية بمال عظيم كانت مالا لابى طلحة بن سهل فتصدّق بها الى رسول الله ليضعها حيث يشاء فأعطاها حسان فى ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطية ولدت له ابنه عبد الرحمن كذا فى سيرة ابن هشام* وقد روى من وجوه أن اعطاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم اياه سيرين انما كان لذبه بلسانه عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم فالله تعالى أعلم* وقال بعد ذلك حسان يمدح عائشة ويعتذر من الذى كان من شأنها