المهاجرين أبى أمية المخزومى وهو شقيق أمّ سلمة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم الى الحارث بن عبد كلال ويقول بعض من ذكر ذلك أنّ المهاجر لما قدم عليه قال له يا حارث انك كنت أوّل من عرض عليه النبىّ صلى الله عليه وسلم نفسه فخطئت عنه وأنت أعظم الملوك قدرا فاذا نظرت فى غلبة الملوك فانظر فى غالب الملوك واذا سرّك يومك فخف غدك وقد كانت قبلك ملوك ذهبت آثارها وبقيت أخبارها عاشوا دهرا طويلا وأملوا أملا بعيدا وتزوّدوا قليلا منهم من أدركه الموت ومنهم من أكلته النقم وانى أدعوك الى الرب الذى ان أردت الهدى لم يمنعك وان أرادك لم يمنعك منه أحد وأدعوك الى النبىّ الأمىّ الذى ليس شئ أحسن مما يأمر به ولا أقبح مما ينهى عنه واعلم انّ لك ربا يميت الحىّ ويحيى الميت ويعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور فقال الحارث قد كان هذا النبىّ عرض علىّ نفسه فخطئت وقد كان ذخرا لمن صار اليه وكان أمره أمر اسبق فحصره اليأس وغاب عنه الطمع ولم تكن لى قرابة أحتمله عليها ولا لى فيه هوى أتبعه له غير أنى أرى أمرا لم يؤسسه الكذب ولم يسنده الباطل له بدء سارّ وعاقبة نافعة وسأنظر*
[رجم الغامدية]
وفى هذه السنة رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة الغامدية روى ان امرأة من غامد من أزد جاءت الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبىّ الله انى قد زنيت وأنا أريد أن تطهرنى فقال لها النبىّ صلى الله عليه وسلم ارجعى فلما كان من الغدأتته أيضا واعترفت عنده بالزنا كما قالت له أوّل يوم فقال لها النبىّ صلى الله عليه وسلم ارجعى فلما كان من الغدأتته ايضا فاعترفت عنده بالزنا وقالت يا نبىّ الله طهرنى فلعلك تردّنى كما رددت ماعز بن مالك فو الله انى لحبلى من الزنا* وقصة ماعز بن مالك أنه جاء الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله طهرنى فقال له النبىّ صلى الله عليه وسلم ويحك ارجع فاستغفر الله وتب اليه فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يا رسول الله طهرنى فقال له النبى صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى اذا كانت الرابعة قال له النبىّ صلى الله عليه وسلم مم أطهرك قال من الزنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبه جنون فأخبر انه ليس بمجنون قال أشرب الخمر فقام رجل واستنكه فمه فلم يجد منه ريح خمر قط فقال أزنيت قال نعم* وعن ابن عباس أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال له لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا قال أنكتها لا يكنى قال نعم فأمر برجمه فرجم فلبثوا يومين أو ثلاثة أيام ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال استغفروا لما عز بن مالك لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّة محمد لوسعتهم* ولما قالت الغامدية انى لحبلى من الزنا قال لها النبىّ صلى الله عليه وسلم ارجعى حتى تلدى فلما ولدت جاءت بالصبىّ تحمله فقالت يا نبىّ الله هذا الولد ولدته فقال لها اذهبى به فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته جاءت بالصبىّ فى يده كسرة خبز قالت يا نبىّ الله هذا فطمته فأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم بالصبىّ فدفع الى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها حفرة وجعلت فيها الى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها فسمع النبىّ صلى الله عليه وسلم سبه اياها فقال مهلا يا خالد لا تسبها فو الذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له فأمر بها فصلى عليها ودفنت*
[وفاة النجاشى]
وفى رجب هذه السنة توفى النجاشى* فى المغرب النجاشى ملك الحبشة بتخفيف الياء سماعا من الثقات وهو اختيار الفاريابى وعن صاحب التكملة بالتشديد وعن الغورى كلتا اللغتين وأما تشديد الجيم فخطأ واسمه أصحمة وهو الذى هاجر اليه المسلمون وأسلم وله الافعال الجميلة والاعانة للمسلمين فنعاه النبى صلى الله عليه وسلم الى المسلمين وخرج الى المصلى وصف أصحابه خلفه وكبر عليه أربع تكبيرات* روى أنه رفع الحجاب حتى يراه الصحابة على سريره بالحبشة وهم بالمدينة* وروى انه لما مات النجاشى لا يزال يرى على قبره نور وقد مرّ فى الموطن السادس* وفى سيرة مغلطاى قد روى الصلاة على الغائب تسعة من الصحابة