للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ملكنا أخاه فتوارث ملكه بنوه فانهم اثنا عشر رجلا لبقى ملك الحبشة زمانا فعدوا على أبى النجاشى فقتلوه ثم ملكوا أخاه ونشأ النجاشى مع عمه وكان لبيبا حاذقا فغلب على أمر عمه ونزل منه كل منزل فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه وانا لنتخوّف أن يملكه علينا وان ملكه علينا ليقتلنا أجمعين لقد عرف أنا قتلنا أباه فمشوا الى عمه فقالوا انا قتلنا أنا هذا الغلام وقد عرف انا قتلناه وملكناك علينا ونحن نتخوّفه على أنفسنا فاقتله أو أخرجه من بلادنا فقال ويحكم قتلتم أباه بالامس وأقتله اليوم اذهبوا فأخرجوه من بلادكم فبيعوه فى هذا السوق فأخرجوه الى السوق فأقاموه فيه فجاء تاجر فاشتراه بستمائة درهم فألقاه فى سفينته فانطلق حتى اذا كان العشىّ من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر فأصابته صاعقة فأهلكته فرجعوا الى بنيه فاذاهم ليس فيهم خير فقالت الحبشة بعضهم لبعض هلك والله ملككم تعلمون انّ ملككم الذى بعتموه فان كان لكم فى ملككم حاجة فأدركوه فخرجوا فى طلبه فأدركوا التاجر فأخذوه منه ثم جاؤا به فقعدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير الملك فملكوه فجاءهم التاجر الذى باعوه منه فقال أعطونى دراهمى كما أخذتم غلامى قالوا لا والله لا نفعل قال والله لا شكونّ منكم عند الملك فجاء فجلس بين يدى الملك فقال أيها الملك انى ابتعت غلاما ثم أتانى باعته فانتزعوه منى فسألتهم مالى فأبوا أن يعطونى فنظر النجاشى اليه فقال والله لتعطنه ماله أو ليضعن عبده يده فى يده فيذهب به حيث شاء فقالوا بل نعطيه ماله وكان هذا أوّل ما اختبر من صلابته وعدله وهذا قوله ما أخذ الله منى رشوة حين ردّ علىّ ملكى فآخذ الرشوة وما أطاع الناس فىّ فأطيع الناس فيه ذكره ابن اسحاق عن عائشة* وفى رواية بعث قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد* وفى معالم التنزيل بن أبى معيط بدل الوليد الى النجاشى فذكر نحو الحديث المتقدّم قال وكان عمرو رجلا فقيرا وعمارة رجلا جميلا فأقبلا فى البحر الى النجاشى فشربوا ومع عمرو امرأته فلما ثملوا من الخمر قال عمارة لعمرو مر امرأتك فلتقبلنى فقال له عمرو ألا تستحيى فأخذ عمارة عمرا يرمى به فى البحر فجعل عمرو يناشده حتى أدخله السفينة فحقد عمرو على عمارة ومكر به فقال يا عمارة انك لرجل جميل فاذهب الى امرأة النجاشى وتحدّث عندها اذا خرج زوجها فانّ ذلك عون لنا فى حاجتنا فراسلها عمارة حتى دخل عليها فانطلق عمرو الى النجاشى فقال انّ صاحبى هذا صاحب نساء وانه يريد أهلك فبعث النجاشى الى بيته فاذا عمارة عند أهله فأمر به فنفخ فى احليله أى سحره فطار مع الوحش* وفى رواية ثم ألقاه فى جزيرة من جزائر البحر فجنّ واستوحش مع الوحش كذا فى المنتقى*

(ذكر بعض ما لقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم من ايذاء المشركين)

* ولما خرج المسلمون الى الحبشة ومنع الله تعالى نبيه بعمه أبى طالب ورأت قريش أن لا سبيل لهم عليه رموه بالكهانة والسحر والجنون والشعر ثم بالغوا فى أذاه فمن ايذائهم ما روى أن نبينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينما هو بفناء الكعبة اذ أقبل عقبة بن أبى معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه فى عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم* وروى عن عائشة أنها قالت عاد أبو بكر وقد صدعوا فرق رأسه مما جذبوه بلحيته وكان رجلا كثير الشعر* وفى معالم التنزيل لما بزق عقبة بن أبى معيط فى وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم عاد بزاقه فى وجهه فاحترق خدّاه وكان أثر ذلك فيه حتى الموت* وعن عبد الله أنه قال ما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعا على قريش غير يوم واحد فانه كان يصلى ورهط من قريش جلوس وسلا جزور قريب منه فقالوا من يأخذ هذا فيلقيه على ظهره فقال عقبة بن أبى معيط أنا فأخذه فألقاه على ظهره فلم يزل

<<  <  ج: ص:  >  >>