القاضى البيضاوى فى حواشى أنوار التنزيل روى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم زار بشر بن البراء ابن معرور فى بنى سلمة فتغدّى هو وأصحابه وجاءت الظهر فصلى بأصحابه فى مسجد القبلتين ركعتين من الظهر نحو الشأم ثم أمر أن يستقبل الكعبة وهو راكع فى الركعة الثانية فاستدار الى الكعبة ودارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة فسمى مسجد القبلتين* وفى المواهب اللدنية وقع عند النسائى انها الظهر وظاهر حديث البراء فى البخارى انها كانت صلاة العصر وأما أهل قباء فلم يبلغهم الخبر الى صلاة الفجر من اليوم الثانى كما فى الصحيحين وفى هذا دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه الا بعد العلم به وان تقدّم نزوله لانهم لم يؤمروا باعادة العصر والمغرب والعشاء والله أعلم قال الواقدىّ كان هذا يوم الاثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا وعن البراء على رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا على اختلاف الاقوال* وفى الكشاف وأنوار التنزيل والاستيعاب روى أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجه الى الكعبة فى رجب بعد الزوال قبل قتال بدر بشهرين وقد صلّى بأصحابه فى مسجد بنى سلمة ركعتين من الظهر فتحوّل فى الصلاة واستقبل الميزاب وتبادل الرجال والنساء صفوفهم فسمى المسجد مسجد القبلتين وفى تبصير الرحمن نزلت الفاتحة بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة حين حوّلت القبلة لدلالتها على أنه رب الجهات كلها وقد اختار أفضلها فله الحمد*
[تجديد بناء مسجد قباء]
وفى هذه السنة كان تجديد بناء مسجد قباء روى عن أبى سعيد الخدرى قال لما صرفت القبلة الى الكعبة اتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسجد قباء فقدم جدار المسجد الى موضعه اليوم وأسسه بيده وحوّل قبلته الى جهة الكعبة وكانت الى جهة بيت المقدس ونقل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه الحجارة لبنائه وقد مرّت فضيلة لصلاة فيه فى أوّل مقدمه قباء*
[نزول فرض رمضان]
وفى شعبان هذه السنة نزلت فريضة رمضان* وفى معالم التنزيل ويقال انزل فرض شهر رمضان قبل رمضان بشهر وأيام على ما روى عن أبى سعيد الخدرى قال نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة الى الكعبة فى شعبان بشهر على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة فلما فرض رمضان لم يأمرهم بصيام عاشوراء ولانهاهم عنه*
[غزوة بدر الكبرى]
وفى هذه السنة وقعت غزوة بدر الكبرى فى معالم التنزيل وسيرة ابن هشام قال ابن اسحاق كانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة السابع عشر من رمضان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة وقيل التاسع عشر من رمضان والاوّل أصبح وكذا فى المنتقى* وفى المواهب اللدنية بعد الهجرة بتسعة عشر شهرا وكان خروج المسلمين من المدينة لاثنتى عشرة ليلة مضت من رمضان وقال ابن هشام لثمان ليال خلون من رمضان وفى الاستيعاب وكانت غزوة بدر فى السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان وليس فى غزواته ما يعدل بها فى الفضل ويقرب منها غزوة الحديبية حيث كان فيها بيعة الرضوان وذلك سنة ست وقال ابن اسحاق فى ليال مضت من رمضان وبدر بالفتح والسكون بئر حفرها رجل من غفار اسمه بدر بن قريش بن مخلد بن النضر بن كنانة وقيل بدر رجل من بنى ضمرة سكن ذلك الموضع فنسب اليه ثم غلب اسمه ويقال بدر اسم البئر التى بها سميت لاستدارتها أو لصفاء مائها فكان البدر يرى فيها وحكى الواقدىّ انكار ذلك كله من غير واحد من شيوخ بنى غفار قالوا انما هى ماؤنا ومنازلنا وما ملكها أحد قط يقال له بدر وانما هى علم عليها كغيرها من البلاد* وفى معجم ما استعجم بدر ماء على ثمانية وعشرين فرسخا من المدينة فى طريق مكة وبدر مذكر ولا يؤنث جعلوه اسم ماء* قال ابن كثير وهو يوم الفرقان الذى أمدّ الله فيه نبيه والمسلمين بالملائكة وفى الوفاء وهو يوم الفرقان الذى أعز الله فيه الاسلام وأهله ودمغ فيه الشرك وخرب محله هذا مع قلة عدد المسلمين وكثرة