أسود الرأس طويل العنق فجاءت حتى اذا حاذت معسكر القوم ركدت فوق رؤسهم فلما توافت الرجال كلها أهالت الطير ما فى مناقيرها على من تحتها مكتوب فى كل حجر اسم صاحبه ثم انها انصاغت راجعة من حيث جاءت فلما أصبحا انحطا من ذروة الجبل فمشيا ربوة فلم يؤنسا أحدا ثم دنوا ربوة فلم يسمعا حسا فقال بات القوم سامدين فأصبحوا نياما فلما دنوا من عسكر القوم فاذاهم خامدون فكان يقع الحجر على بيضة أحدهم فيخرقها حتى يقع فى دماغه ويخرق الفيل والداية ويغيب الحجر فى الارض من شدّة وقعه فعمد عبد المطلب فأخذ فأسا من فوسهم فحفر حتى أعمق فى الارض فملأه من الذهب الاحمر والجواهر وحفر لصاحبه فلأه ثم قال لابى مسعود هات فاختران شئت حفرتى وان شئت حفرتك وان شئت فهما لك معا* فقال أبو مسعود اخترلى على نفسك فقال عبد المطلب انى لم أك اجعل أجود المتاع الا فى حفرتى فهو لك وجلس كل واحد منهما على حفرته ونادى عبد المطلب فى الناس فتراجعوا وأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعا وساد عبد المطلب بذلك قريشا وأعطته المقادة فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود فى أهليهما فى غنى من ذلك المال ودفع الله عن كعبته* واختلفوا فى تاريخ عام الفيل فقال مقاتل كان قبل مولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم بأربعين سنة* وقال الكلبى بثلاث وعشرين سنة والاكثرون على انه كان فى العام الذى ولد فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم انتهى كلام معالم التنزيل* وفى الكشاف ان أهل مكة احتووا على أموالهم والى هذه القصة أشار النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقوله ان الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين قيل كان أبرهة هذا جدّ النجاشى الذى كان فى زمن النبىّ صلّى الله عليه وسلم وكان مولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم بعد هلاك أصحاب الفيل بخمسين يوما وقيل غير ذلك كما سيجىء فى تاريخ ولادته فى الركن الاوّل* وعن عائشة رضى الله عنها قالت رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان* روى أنه أرسل الله سيلا فذهب بهم الى البحر فلما هلك أبرهة ومزق الحبشة كل ممزق أقفر ما حول هذه الكنيسة وكثرت السباع حولها والحيات فلا يستطيع أحد أن يأخذ منها شيئا الى زمان أبى العباس السفاح فذكروا له أمرها فبعث اليها أبا العباس بن الربيع عامله على اليمن ومعه أهل الحزم والجلادة فخربها وحصلوا منها مالا كثيرا ثم بعد ذلك عفار سمها وانقطع خبرها كذا فى حياة الحيوان*
[مسير سيف بن ذى يزن الى قيصر وكسرى]
وفى سيرة ابن هشام قال ابن اسحاق فلما هلك أبرهة ملك الحبشة بعده ابنه يكسوم بن أبرهة وبه كان يكنى فلما هلك يكسوم بن أبرهة ملك اليمن فى الحبشة أخوه مسروق بن أبرهة فلما طال البلاء على أهل اليمن خرج سيف بن ذى يزن الحميرى وكان يكنى بأبى مرّة حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكى اليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث اليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق فشكى اليه أمر الحبشة فبعثه النعمان مع وفده الى كسرى فدخل عليه ثم قال أيها الملك غلبنا على بلادنا الاغربة قال كسرى أى الاغربة الحبشة أم السند قال بل الحبشة فجئتك لتنصرنى ويكون ملك بلادى لك* قال كسرى بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن لا ورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لى بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة* فلما قبض ذلك سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال ان لهذا لشأنا ثم بعث اليه فقال له عمدت الى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ما جبال أرضى التى جئت منها الا ذهبا وفضة يرغبه فيها فجمع كسرى مرازبته فقال ماذا ترون فى أمر هذا الرجل فقال قائل أيها الملك ان فى سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فان يهلكوا كان ذلك الذى أردت بهم وان يظفروا كان ملكا ازددته فبعث معه كسرى من كان فى سجونه وكانوا ثمانمائة رجل واستعمل