العين من قصر غصن بين غصنين وهو انضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفونه ان قال أنصتبوا لقوله وان أمر تبادروا لامره محفود محشود لا عابس ولا مفند* قال أبو معبد هذا والله صاحب قريش الذى ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ولا فعلنّ ان وجدت الى ذلك سبيلا ثم هاجرت هى وزوجها فأسلما وكان أهلها يؤرّخون بيوم الرجل المبارك كذا فى شرح السنة لمحيى السنة* وفى خلاصة الوفاء فخرج أبو معبد فى أثرهم ليسلم فيقال أدركهم ببطن ريم فبايعه وانصرف* وفى الصفوة قال عبد الملك فبلغنا ان أمّ معبد هاجرت الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأسلمت* قال رزين أقامت قريش أياما ما يدرون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى أىّ جهة توجه وأىّ طريق سلك حتى سمعوا بعد ذهابهما من مكة بأيام فى صباح هاتفا أقبل من أسفل مكة بأبيات ويغنى بغناء العرب عاليا بين السماء والارض والناس يسمعون الصوت ويتبعونه ولا يدرون صاحبه حتى خرج من أعلا مكة وهو يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتى أمّ معبد
هما نزلا بالهدى ثم اهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبرّ وأوفى ذمّة من محمد
فيا لقصى ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجارى وسودد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا اختكم عن شاتها وانائها ... فانكم ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت ... عليه صريحا ضرّة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب ... يردّدها فى مصدر ثم مورد
وقيل سمعوا هاتفا على أبى قبيس بصوت جهورى يقول هذه الابيات ولما سمع حسان بن ثابت قال فى جوابه هذه الابيات
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسرى اليه ويغتدى
ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحلّ على قوم بنور مجدّد
هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوى ضلال قوم تسفهوا ... عمى وهداة يهتدون بمهتد
لقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبىّ يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله فى كل مشهد
وان قال فى يوم مقالة غائب ... فتصديقها فى اليوم أو فى ضحى غد
ليهن أبا بكر سعادة جدّه ... بصحبته من يسعد الله يسعد
وفى رواية عن أمّ معبد أنها قالت طلعت علينا أربعة على راحلتين فنزلوا بى فجئت رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشاة اريد ذبحها فاذا هى ذات درّ فأذيتها منه فلمس ضرعها وقال لا تذبحيها فأرسلتها وجئت بأخرى فذبحتها وطبختها لهم فأكل هو وأصحابه وملأت سفرتهم منها ما وسعت وبقى عندنا لحمها أو أكثر وبقيت الشاة التى لمس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضرعها عندنا الى زمان عمر وهى السنة الثامنة عشر من الهجرة وكنا نحلبها صبوحا وغبوقا وما فى الارض لبن*
[قصة العوسجة]
وروى الزمخشرى فى ربيع الابرار عن هند بنت الجون نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيمة خالتها أمّ معبد فقام من رقدته فدعا بماء فغسل يديه ثم تمضمض ومج فى عوسجة الى جانب الخيمة فأصبحنا وهى كأعظم دوحة وجاءت بثمر كأعظم