لا تعبدونى نصركم بعد العام ... لا تسلمونى لا يحل اسلام
فخرج الى حرب المسلمين وحضر أحدا ثم لما رجع المشركون عن أحد خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى آثارهم مرهبا لهم حتى انتهى الى حمراء الاسد فأخذ أبو عزة فقال يا رسول الله أقلنى فقال رسول الله ألا تمسح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمدا مرّتين انّ المؤمن لا يلدغ من جحر مرّتين فضرب عنقه كما سيجىء فى غزوة حمراء الاسد*
[ذكر اعتناء الصحابة بتعلم الخط والكتابة]
وفى بعض الكتب لما تقرّر أمر الاسارى على الفداء وكان بعضهم فقراء لا يحصل منهم شئ منّ عليهم وأطلقهم وأخذ عليهم العهد أن لا يعودوا الى حرب المسلمين منهم أبو عزة الشاعر الجمحى وكان بعض من فقرائهم يعلمون الخط والكتابة فقرّر عليهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من غلمان الانصار الخط فاذا حذقوا فهو فداؤه وكان زيد بن ثابت ممن علم ووضع على الاغنياء منهم الفداء بقدر قدرتهم وغنائهم ولا يكون فداء أحد منهم أقل من ألف درهم ولا أكثر من أربعة آلاف درهم وفى معالم التنزيل كان الفداء لكل أسير أربعين أوقية والاوقية أربعون درهما وفى سيرة ابن هشام كان فداء المشركين يومئذ أربعة آلاف درهم بالرجل الى ألف درهم الا من لا شئ له منّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأطلقه وكان عمير بن وهب الجمحى شيطانا من شياطين قريش وكان يؤذى رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه بمكة ويلقون منه عنتا وكان ابنه وهب بن عمير فى أسارى بدر فجلس عمير مع صفوان بن أمية فى الحجر بعد مصاب أهل بدر بيسير فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان فو الله ليس فى العيش خير بعدهم فقال له عمير صدقت والله اما والله لولا دين علىّ ليس له عندى قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدى لركبت الى محمد حتى أقتله فانّ لى فيهم علة ابنى أسير فى أيديهم فاغتنمها صفوان فقال علىّ دينك أنا أقضيه عنك وعبالك مع عيالى أواسيهم ما بقوا ثم ان عميرا أمر بسيفه فشحذو سمّ ثم انطلق حتى قدم المدينة فرآه عمر قد أناخ البعير على باب المسجد متوشحا السيف فقال هذا عدوّ الله عمير ما جاء الا بشرّ وهو الذى حرش بيننا وحزرنا للقوم ببدر ثم دخل عمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال يا نبىّ الله هذا عدوّ الله عمير قد جاء متوشحا سيفه قال أدخله علىّ فأقبل عمر حتى أخذ بحمائل سيفه فى عنقه فلببه بها وقال لرجال من الانصار ادخلوا على رسول الله عليه الصلاة والسلام فاجلسوا عنده واحذروا هذا الخبيث عليه فانه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله عليه الصلاة والسلام فلما رآه وعمر آخذ بحمالة سيفه فى عنقه قال أرسله يا عمر ادن يا عمير فدنا ثم قال انعموا صباحا وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتكم يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة ما جاء بك يا عمير قال جئت لهذا الاسير الذى فى أيديكم فأحسنوا فيه قال فما بال السيف فى عنقك قال قبحها الله من سيوف وهل أغنت شيئا قال أصدقنى بالذى جئت له قال ما جئت الا لذلك فقال بل قعدت أنت وصفوان بن أمية فى الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين علىّ ولولا عيالى لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلنى والله حائل بينى وبينك فقال عمير أشهد انك رسول الله قد كنا نكذبك وهذا أمر لم يحضره الا أنا وصفوان فو الله انى لأعلم ما أتاك به الا الله فالحمد لله الذى هدانى للاسلام وساقنى هذا المساق ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام فقهوا أخاكم فى دينه وعلموه القرآن وأطلقوا له أسيره ففعلوا ثم قال يا رسول الله انى كنت جاهدا فى اطفاء نور الله شديد الاذى لمن كان على دين الله وانى أحبّ أن تأذن لى فاقدم مكة فأدعوهم الى الله والى الاسلام لعلّ الله أن يهديهم والا آذيتهم كما كنت أوذى اصحابك