قدم على يزيد بن ابى سفيان قال واجتمعت رجال من كعب واسلم وغفار ومزينة نحوا من مائتين فأتوا ابا بكر فقالوا ابعث علينا رجلا وسرّحنا الى اخواننا فبعث عليهم الضحاك بن قيس فسار حتى أتى يزيد فنزل معه* وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال لما رأى اهل مدائن الشأم انّ العرب قد جاشت عليهم من كل وجه وكثرت جموعهم بعثوا الرسل الى ملكهم يعلمونه ذلك ويسألونه المدد فكتب اليهم انى عجبت لكم حين تستمدّوننى وحين تكثرون علىّ عدّة من جاءكم وانا أعلم بكم وبمن جاءكم منهم ولأهل مدينة واحدة من مدائنكم اكثر ممن جاءكم منهم أضعافا فالقوهم وقاتلوهم ولا تحسبوا انى كتب اليكم بهذا وأنا لا اريد ان أمدّكم لأبعثن اليكم من الجنود ما تضيق به الارض الفضاء وكان اهل مدائن الشأم قد ارسلوا الى كل من كان على دينهم من العرب فأطمعهم أكثرهم فى النصر ومنهم من حمى العرب فكان ظهور العرب أحب اليه وذلك من لم يكن فى دينه راسخا منهم وبلغ خبرهم وتراسلهم أبا عبيدة بن الجراح فكتب بذلك الى أبى بكر
[مكالمة عمرو بن العاص مع أبى بكر]
فجمع أبو بكر أشراف قريش من المهاجرين وغيرهم من أهل مكة ثم دعا باشراف الانصار وذوى السابقة منهم ثم دعا عمرو بن العاص فقال يا عمرو هؤلاء اشراف قومك يخرجون مجاهدين فاخرج فعسكر حتى أندب الناس معك فقال يا خليفة رسول الله انا وال على الناس فقال نعم أنت الوالى على من أبعثه معك من هاهنا قال لابل وال على من أقدم عليه من المسلمين قال لا ولكنك أحد الامراء فان جمعتكم حرب فأبو عبيدة أميركم فسكت عنه ثم خرج فعسكر فاجتمع اليه ناس كثير وكان معه أشراف قريش فلما حضر خروجه جاء الى عمر فقال يا أبا حفص انك قد عرفت بصرى بالحرب ويمن نقيبتى فى الغزو وقد رأيت منزلتى عند رسول الله وقد علمت انّ أبا بكر ليس يعصيك فأشر عليه أن يولينى هذه الجنود التى بالشام فانى أرجو أن يفتح الله على يدىّ هذه البلاد وأن يريكم والمسلمين من ذلك ما تسرّون به فقال له عمر لا أكذبك ما كنت أكلمه فى ذلك لانه لا يوافقنى أن يبعثك على ابى عبيدة وأبو عبيدة أفضل منزلة عندنا منك قال فانه لا ينقص أبا عبيدة شيئا من فضله أن ألى عليه فقال له ويحك يا عمرو انك والله ما تطلب بهذه الرياسة الاشرف الدنيا فاتق الله ولا تطلب بشئ من سعيك الا وجه الله واخرج فى هذا الجيش فانه ان يكن عليك أمير فى هذه المرّة فما أسرع ما تكون ان شاء الله أميرا ليس فوقك أحد فقال قد رضيت فخرج واستتب له المسير* فلما أراد الشخوص خرج معه أبو بكر يشيعه وقال يا عمرو انك ذو رأى وتجربة للامور وبصير بالحرب وقد خرجت فى اشراف قومك ورجال من صالحاء المسلمين وأنت قادم على اخوانك فلا تألهم نصيحة ولا تدخر عنهم صالح مشورة فرب رأى لك محمود فى الحرب مبارك فى عواقب الامور فقال له عمرو ما خلتنى ان أصدق ظنك ولا أقبل رأيك ثم ودّعه وانصرف عنه فقدم الشام فعظم غناؤه وبلاؤه عند المسلمين* وكتب أبو بكر الى أبى عبيدة أما بعد فقد جاءنى كتابك تذكر فيه تيسر عدوّكم لمواقعتكم وما كتب به اليهم ملكهم من عدته اياهم أن يمدّهم من الجنود بما تضيق به الارض الفضاء ولعمر الله لقد أصبحت الارض ضيقة عليه برحبها وأيم الله ما أنا بيائس أن تزيلوه من مكانه الذى هو به عاجلا ان شاء الله تعالى فبث خيلك فى القرى والسواد وضيق عليهم بقطع الميرة ولا تحاصر المدائن حتى يأتيك أمرى فان ناهدوك فانهض اليهم واستعن بالله عليهم فانه ليس يأتيهم مدد الامددناكم بمثله أو ضعفه وليس بكم بحمد الله قلة ولا ذلة ولا أعرفنّ ما جبنتم عنهم فانّ الله فاتح لكم ومظهركم على عدوّكم ومعزكم بالنصر وملتمس منكم الشكر لينظر كيف تعملون وجاءك عمرو فأوصيك به خيرا فقد أوصيته ان لا يضيع لك حقا والسلام عليك* وجاء عمرو بالناس حتى نزل بأبى عبيدة وكان عمرو فى مسيره ذلك الى الشأم فيما حدّث به عمرو بن شعيب يستنفر من مرّ به من الاعراب فتبعه منهم ناس كثير فلما اجتمعواهم ومن كان قد قدم معه من المدينة كانوا نحوا من ألفين فلما قدم بهم