للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النبوّة وخرجت قريش فى آثارهم ففاتوهم* وفى المواهب اللدنية كان اوّل من خرج عثمان ابن عفان مع امرأته رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم واخرج سفيان بسند موصول الى انس قال أبطأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبرهما فقدمت امرأة فقالت قد رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار قال انّ عثمان لاوّل من هاجر بأهله بعد لوط فلما رأت قريش استقرارهم بالحبشة وأمنهم أرسلوا عمرو بن العاص وعبد الله بن ابى ربيعة بهدايا وتحف من بلادهم الى النجاشى واسمه اصحمة بن بحرى وقيل مكحول بن صصة*

[فائدة فى أسماء ملوك الجهات]

والنجاشى اسم لكل من ملك الحبشة وتسميه المتأخرون الابحرى وكذلك خاقان لمن ملك الترك وقيصر لمن ملك الروم وتبع لمن ملك اليمن وان ترشح للملك سمى قيلا وبطلميوس لمن ملك اليونان والقيطون لمن ملك اليهود هكذا قاله ابن خرداديه والمعروف مالخ ثم رأس الجالوت والنمرود لمن ملك الصابئة ودهمن ويعفور لمن ملك الهند وغانة لمن ملك الزنج وفرعون لمن ملك مصر والشأم فان اضيف اليهما الاسكندرية سمى العزيز ويقال المقوقس وكسرى لمن ملك العجم والاخشيد لمن ملك فرغانة والنعمان لمن ملك العرب من قبل العجم وجالوت لمن ملك البربر كذا فى سيرة مغلطاى* قال وكان معهما عمارة بن الوليد ليردّهم الى قومهم فأبى ذلك وردّهما خائبين بهديتهما وسيجىء تفصيله فأقاموا عند النجاشى آمنين فلما نزلت سورة والنجم سجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى آخر السورة وسجد معه المشركون* روى انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قرأ ينادى قومه سورة والنجم فلما بلغ قوله تعالى ومناة الثالثة الاخرى سمعت تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجبى وكانت هذه المسموعة بادخال الشيطان فى اثناء قراءة النبىّ صلّى الله عليه وسلم بأن سكت النبىّ صلّى الله عليه وسلم عند قوله ومناة الثالثة الاخرى فتكلم الشيطان بهذه الكلمات متصلا بقراءة النبىّ صلّى الله عليه وسلم وخلط صوته بصوته محاكيا نغمة النبىّ صلّى الله عليه وسلم فظنّ ان النبىّ صلّى الله عليه وسلم هو الذى يتكلم بها فيكون هذا القاء من الشيطان فى قراءة النبىّ صلّى الله عليه وسلم كذا فى شرح المواقف والمدارك وانوار التنزيل وغيرها* قال القاضى عياض وهذا احسن وجوه التأويل فيه وكذا استحسن ابن العربى هذا التأويل وقد سبق الى ذلك الطبرى مع جلالة قدره وسعة علمه وشدّة ساعده فى النظر فصوّب على هذا المعنى كذا فى المواهب اللدنية فأنزل الله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبىّ الا اذا تمنى القى الشيطان فى أمنيته اى فى تلاوته قال الشاعر

تمنى كتاب الله اوّل ليلة ... تمنى داود الزبور على رسل

وكان الشيطان يبصر ويتكلم فيسمع كلامه فى زمن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ولما سجد النبىّ صلّى الله عليه وسلم فى آخر السورة سجد معه المشركون فبلغ ذلك أهل الحبشة فقالوا ان كانوا قد آمنوا فلنرجع الى عشائرنا وكانوا قد خرجوا فى رجب واقاموا بالحبشة شعبان ورمضان وقدموا فى شوّال فلقيهم ركب فسألوهم فقالوا ذكر محمد آلهتهم فتابعوه ثم عاد عن ذكرها فعادوا له بالشرّ فلم يدخل أحد منهم مكة الا بجوار الا ابن مسعود فانه مكث قليلا ثم رجع الى أرض الحبشة فسطت بهم عشائرهم فآذوهم فأذن لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى الخروج مرّة أخرى الى أرض الحبشة فخرج خلق كثير* قال محمد بن اسحاق من لحق من المسلمين بأرض الحبشة سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم صغارا وولديها نيف وثلاثون رجلا ومن النساء احدى عشرة امرأة قرشية وسبع غرائب فلما سمعوا بمهاجر النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا وثمان نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس منهم سبعة وشهد بدرا منهم اربعة وعشرون وفى الصفوة والمنتقى

<<  <  ج: ص:  >  >>