العباس لما بلغه ظهور دعوتهم وكان فى مائة ألف وخمسين ألفا حتى نزل الرأس دون الموصل فالتقى هو وعبد الله بن على العباسى عم المنصور فى جمادى الاخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة فانكسر مروان وقطع الجسور الى الجزيرة فأخذ بيوت الاموال والكنوز وقدم الشأم فاستولى عبد الله على الجزيرة وطلب الشام وفرّعنه مروان ونازل عبد الله دمشق فلما بلغ مروان أخذ دمشق وهو يومئذ بأرض فلسطين دخل الى مصر وعبر النيل وطلب الصعيد وكان قد عزم على الدخول الى الحبشة وبلاد السودان فوجه عبد الله بن على أخاه صالح بن على فى طلب مروان وعلى طلائعه عمرو بن اسمعيل فساق عمرو فى أثر مروان فلحقه بقرية بوصير من أرض مصر فبيته فقتله* قال ابن السندى قتل مروان وهو ابن اثنتين وستين سنة* وقال الذهبى عاش بضعا وخمسين سنة وكانت خلافته خمس سنين وشهرا وعشرة أيام كذا فى سيرة مغلطاى وكان قتله فى ذى الحجة من سنة اثنتين وثلاثين ومائة ببوصير من أرض مصر* ويروى ان مروان فى هربه مرّ على راهب فقال يا راهب هل تبلغ الدنيا من الانسان ان تجعله مملوكا قال نعم قال كيف قال بحبها قال فكيف السبيل الى العتق قال ببغضها والتخلى عنها قال هذا مما لا يكون قال سيكون فبادر بالهروب منها قبل ان تبادرك قال هل تعرفنى قال نعم مروان ملك العرب تقتل فى بلاد السودان وتدفن بلا أكفان ولولا ان الموت فى طلبك لدللتك على موضع هربك* وأخبار مروان طويلة ووقائعه كثيرة وهو آخر خلفاء بنى أمية بدمشق وبلاد الشرق وبموته انقرضت دولة بنى أمية الى يومنا هذا سوى عبد الرحمن الداخل من بنى امية الى الغرب وتخلف هو وجماعة من ذريته هناك* وفى حياة الحيوان وفى أيام مروان ظهر أبو مسلم الخراسانى صاحب الدعوة وظهر السفاح بالكوفة فبويع بالخلافة وجهز عمه عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس لقتال مروان بن محمد فالتقى الجمعان برأس الموصل فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم مروان وقتل من عسكره وغرق ما لا يحصى فتبعه عبد الله الى أن وصل نهر أردن فلقى جماعة من بنى امية وكانوا نيفا وثمانين رجلا فقتلهم عن آخرهم ثم أمر عبد الله فسحبوا وبسط عليهم بساط وجلس هو وأصحابه فوقهم واستدعى بالطعام فأكلوا وهم يسمعون انينهم من تحتهم فقال عبد الله يوم كيوم الحسين ولا سواء ثم جهز السفاح عمه صالح بن على على طريق السماوة فلحق بأخيه عبد الله وقد نازل دمشق ففتحها عنوة وأباحها ثلاثة أيام ونقض عبد الله سور دمشق حجرا حجرا وهرب مروان الى بوصير قرية من قرى الصعيد عند الفيوم فقال ما اسم هذه القرية قيل بوصير قال الى الله المصير ثم دخل كنيسة فبلغه أن خادما نمّ عليه فقطع رأسه وسل لسانه وألقاه على الارض فجاءت هرّة فاكلته ثم بعد أيام هجم عليه الكنيسة التى كان نازلا بها عمرو بن اسماعيل فخرج مروان من الكنيسة وفى يده سيف وقد أحاط به الجنود وعكفت عليه وصفقت حوله الطيور فتمثل ببيت الحجاج بن الحكم السلمى يقول
متقلدين صفائحا هندية ... يتركن من ضربوا كأن لم يولد
ثم قاتل حتى قتل فقال حين قتل انقرضت دولتنا فأمر به عمرو فقطع رأسه وسل لسانه وألقى على الارض فجاءت تلك الهرّة بعينها فحطفته وأكلته فقال عمرو لو لم يكن فى الدنيا عجب الا هذا لكان كافيا لسان مروان فى فم هرة* ودخل عمرو بعد قتله الكنيسة وقعد على فرش مروان وكان مروان يتعشى فلما سمع الوجبة وثب عن عشائه فأكل عمرو ذلك الطعام ودعا بابنة لمروان وكانت أسنّ بناته فقالت يا عمرو انّ دهرا أنزل مروان عن فرشه وأقعدك عليها حتى تعشيت بعشائه واستصبحت بمصباحه ونادمت ابنته لقد أبلغ فى موعظتك وأجمل فى ايقاظك فاستحيى عمرو وصرفها*
[ملخص أخبار بنى أمية]
ملخص أخبار بنى أمية انّ جميع خلفائهم من معاوية الى مروان أربعة عشر خليفة أوّلهم معاوية