لخليق للامارة وان كان لمن أحب الناس الىّ فاستوصوا به خيرا فانه من خياركم ثم نزل ودخل بيته وذلك فى يوم السبت لعشر خلون من ربيع الاوّل وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودّعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمضون الى العسكر بالجرف وثقل رسول الله فلما كان يوم الاحد اشتت برسول الله وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبىّ صلى الله عليه وسلم مغمى عليه* وفى رواية قد أصمت وهو لا يتكلم وهو اليوم الذى لدّوه فيه فطأطأ رأسه فقبله ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه الى السماء ثم يضعهما على أسامة قال فعرفت انه يدعو لى ورجع أسامة الى معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينما هو يريد الركوب اذا رسول أمه أمّ أيمن قد جاءه يقول ان رسول الله يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة وانتهوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت* فتوفى صلى الله عليه وسلم حين زاغت الشمس يوم الاثنين ودخل المدينة المسلمون الذين عسكروا وكان لواء أسامة مع بريدة بن الحصيب فدخل بريدة بلواء أسامة حتى غرزه عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بويع لأبى بكر بعد النبىّ صلى الله عليه وسلم أمر باللواء الى أسامة ليمضى لوجهه فمضى بريدة الى معسكرهم الاوّل فلما ارتدّت العرب كلم أبو بكر فى حبس جيش أسامة وكلم أبو بكر أسامة فى أن يأذن لعمر فى التخلف ففعل فلما كان هلال ربيع الاخر من السنة الحادية عشر بعث أبو بكر على مقتضى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد الى حرب الشام فخرج فابتدأ الاغارة من قضاعة الى مؤتة من الشام وسار الى أهل أبنى فى عشرين ليلة فأغارهم وقتل من أشرف له وسبى من قدر عليه وقتل قاتل أبيه ورجع الى المدينة بالغلبة والظفر وكانت مدّة غيبته فى ذلك السفر أربعين يوما فخرج أبو بكر فى المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا لقدومهم وستجىء وفاة أسامة فى الخاتمة فى آخر خلافة معاوية*
[ظهور الاسود العنسى]
وفى هذه السنة فى زمان مرضه عليه السلام جاء الخبر بظهور الاسود العنسى ومسيلمة الكذاب وكانا يستغويان أهل بلادهما قبل الا انه لم يظهر أمرهما الا فى زمان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله قد لحقه مرض بعيد عوده من الحج ثم عوفى ثم عاد فمرض مرض الموت* وقال ابو مويهبة لما رجع رسول الله عليه السلام طارت الاخبار بأنه قد اشتكى فوثب الاسود باليمن ومسيلمة باليمامة فجاء الخبر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه* قال بعض أصحاب السير وذلك بعد ما ضرب على الناس بعث أسامة* وروى عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه من الصداع وقال انى رأيت البارحة فيما يرى النائم ان فى عضدىّ سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فوقع أحدهما باليمامة والاخر باليمن قيل ما أوّلتهما يا رسول الله قال فاوّلتهما هذين الكذابين صاحب اليمامة وصاحب اليمن يخرجان من بعدى* وفى الاكتفاء قال ابن اسحاق وقد كان تكلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذابان مسيلمة بن حبيب الحنفى باليمامة فى بنى حنيفة والاسود بن كعب العنسى بصنعاء* وذكر باسناد له عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على منبره وهو يقول أيها الناس انى قد رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ورأيت فى ذراعىّ سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأوّلتهما هذين الكذابين صاحب اليمن وصاحب اليمامة* وعن أبى هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يدعى النبوّة* وفى معالم التنزيل قد ارتدّ فى حياة النبىّ صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق* الفرقة الاولى بنو مذحج ورئيسهم الاسود العنسى* فى القاموس العنس لقب زيد بن مالك بن أدد أبو قبيلة من اليمن ومخلاف بها مضاف اليه واسم الاسود عبهلة بن كعب العنسى ويقال له ذو الخمار بخاء معجمة لانه كان يغطى وجهه