الزهرى قاضى المدينة وكان أحد الاجواد وفيها مات قيس بن أبى حازم البجلى شيخ الكوفة وعالمها عن اكثر من مائة سنة وكان قد هاجر الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فلم يلحقه وسمع من أبى بكر وعمر رضى الله عنهم* وفى سنة ثمان وتسعين مات أحد الفقهاء السبعة بالمدينة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الهذلى شيخ الزهرى والفقيهة عمرة بنت عبد الرحمن صاحبة عائشة فى سنة تسع وتسعين وعالم بيت المقدس عبد الله بن محيريز الجمحى* قال الاوزاعى كان اماما قدوة وقال رجاء بن حيوة ان يفخر علينا أهل المدينة بابن عمر فانا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز وبقاؤه أمان لاهل الارض وفيها توفى محمود بن الربيع الانصارى بالمدينة وكان قد عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهه من دلو وحدّث عن عبادة بن الصامت وغيره* وأمر الخليفة سليمان الناس بغزو القسطنطينية برّا وبحرا وجهز الجيوش وبذل الخزائين ونزل على حلب وأمر على الكل أخاه مسلمة وابنه وكان الذين غزوها أزيد من مائة ألف وطالت الغزوة حتى مات سليمان وهم هناك* وروى السكن ابن خالد قال أصاب الجيش على القسطنطينية جوع عظيم حتى اكلوا الميتة* وقال محمد بن زيد الالهانى هلكنا من الجوع ومات الناس وان كان الرجل ليذهب الى الغائط والاخر يرصده فاذا قام جاء هذا فأكل رجيعه وربما كان الرجل ليبعد للحاجة فيؤخذ*
[(ذكر وفاته)]
* قيل انّ سليمان جلس يوما فى نبت أخضر على وطاء أخضر عليه ثياب خضر ثم نظر فى المرآة فأعجبه شبابه وكان من أجمل الناس فقال كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيا وكان أبو بكر صدّيقا وكان عمر فاروقا وكان عثمان حييا وكان معاوية حليما وكان يزيد صبورا وكان عبد الملك سيوفا وكان الوليد جبارا وأنا الملك الشاب فمات من جمعته فى يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسع وتسعين* ويقال انه لبس يوما أفخر ما عنده وتطيب بأفخر الطيب وتزين بأحسن الزينة فأعجبته نفسه فالتفت فرأى جارية من جواريه واقفة فقال لها كيف ترين فقالت شعر
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للانسان
أنت خلو من العيوب ومما ... يكره الناس غير أنك فانى
وفى حياة الحيوان
ليس فيما بدا لنا منك عيب ... عابه الناس غير أنك فانى
فطردها ثم أحضرها فقال لها ما قلت فقالت ما قلت شيئا ولا رأيتك اليوم فتعجب الناس من ذلك ومات من جمعته* وفى دول الاسلام ولما احتضر أشار عليه وزيره رجاء بن حيوة بأن يستخلف ابن عمه الامام العادل عمر بن عبد العزيز بشرط أن تكون الخلافة من بعد عمر ليزيد بن عبد الملك أخى سليمان وفى الجملة هو من خيار ملوك بنى أمية قرّب ابن عمه عمر بن عبد العزيز وجعله ولىّ عهده بالخلافة وليس عهد فى الخلافة وانما العهد كان ليزيد وهشام فأدخل عمر قبلهما وبايع الناس على العهد وهو مكتوب وفيه عمر بن عبد العزيز ثم يزيد وهشام فصحت البيعة* وفى المختصر الجامع توفى سليمان بذات الجنب بمرج دابق من أرض قنسرين لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين وله خمس وأربعون سنة وقيل تسع وثلاثون وصلى عليه عمر بن عبد العزيز وكانت خلافته سنتين وثمانية أشهر الا خمسة أيام* وفى دول الاسلام دون ثلاثة أعوام وكان نقش خاتمه آمنت بالله مخلصا وكان له من الولد أربعة عشر ذكرا*
[(ذكر خلافة عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم القرشى الاموى)]
* أمير المؤمنين أبى حفص ولد بالمدينة سنة ستين عام توفى معاوية بن أبى سفيان أو بعده بسنة كذا فى مورد اللطافة* وفى حياة الحيوان مولده بالبصرة سنة احدى وستين أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب عسّ ليلة من الليالى فأتى على امرأة تقول لابنتها قومى وامزجى اللبن