للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل بل سمته جاريته وقيل كان الطعام سمته لضرّتها فدخل المهدى فمدّيده فما جسرت أن تقول هو مسموم* وفى سيرة مغلطاى أرادت بعض حظاياه أن تنفرد به دون صاحبتها فجعلت لها سما فى حلوى فأكل هو منه من حيث لا يشعر فمات وكان قبل ذلك بعشر ليال رأى رحلا يهدم قصره فى المنام وعاش ثلاثا وأربعين سنة وملك احدى عشرة سنة وشهرا ونصف شهر* قال الذهبى خلافته عشر سنين وشهرا وتولى بعده ولده موسى*

[(ذكر خلافة موسى الهادى بن المهدى محمد بن أبى جعفر المنصور الهاشمى القرشى العباسى الرابع من خلفاء بنى العباس أبى محمد أمير المؤمنين)]

* مولده بالرى سنة سبع وأربعين ومائة وأمّه أم ولد تسمى الخيزران وهى أم الرشيد أيضا* صفته* كان طويلا جسيما أبيض لشفته العليا تقلص وكان أبوه قد وكل به خادما فى الصبا كلما رآه مفتوح الفم يقول له يا موسى أطبق فيفيق على نفسه ويضم شفتيه بويع بالخلافة بعد موت أبيه وكان بجرجان فأخذ له البيعة أخوه هارون الرشيد* قال الذهبى كانت الخلافة معقودة له وكان ولى عهد أبيه فلما مات المهدى تسلمها موسى الهادى وكان فصيحا أديبا قادرا على الكلام تعلوه هيبة وله سطوة وشهامة على انه كان يتناول المسكر ويحب اللهو والطرب وكان ذا ظلم وجبروت وكان يركب حمارا فارها ولا يقيم أبهة الخلافة ولم تطل مدّته فى الخلافة ومات لقرحة أصابته فى جوفه وقيل سمته أمّه الخيزران لما أجمع على قتل أخيه الرشيد وقيل انها سمته بسبب آخر وهو انها كانت حاكمة مستبدة بالامور الكبار وكانت المواكب تغدو الى بابها فزجرهم الهادى عن ذلك وكلمها بكلام فج وقال ان وقف ببابك أمير لاضربن عنقه أمالك مغزل يشغلك أو مصحف يذكرك أو سبحة فقامت من عنده وهى لا تعقل شيئا من الغضب فقيل انه بعث اليها بطعام مسموم فأطعمت منه كلبا فانتثر لحمه فعمدت الى قتله لما وعك بان غمرت وجهه ببساط جلسوا عليه وعلى جوانبه وكان قصده هلاك الرشيد ليؤول العهد لولد له صغير عمره عشر سنين وقيل انه مات بعيسى باد فى نصف شهر ربيع الاخر سنة سبعين ومائة* وفى سيرة مغلطاى توفى ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الاوّل سنة سبعين ومائة وفى هذه الليلة ولد المأمون وكانت خلافته سنة واحدة وثلاثة أشهر وعاش ستا وعشرين سنة وخلف سبع بنين وتولى الخلافة بعده أخوه هرون الرشيد*

[(ذكر خلافة هرون الرشيد بن المهدى محمد بن أبى جعفر المنصور الهاشمى العباسى الخامس من خلفاء بنى العباس)]

* أمير المؤمنين أبى جعفر أمّه الخيزران أمّ أخيه الهادى ومولده بالرّى لما كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان فى سنة ثمان وأربعين ومائة استخلف بعهد من أبيه بعد موت أخيه الهادى فى سنة سبعين ومائة وكان أبوهما عقد لهما بولاية العهد معا* صفته* كان الرشيد أبيض جميلا مليح الشكل طويلا عبل الجسم قد وخطه الشيب قبل موته وكان فصيحا له نظر ومعرفة جيدة بالعلوم بلغنا انه منذ استخلف كان يصلى كل يوم وليلة مائة ركعة لم يتركها الا لعلة قاله نفطويه فى تاريخه ويتصدّق من خالص ماله بألف درهم وكان يقتفى آثار جدّه المنصور الا فى الحرص وكان يجب العلم وأهله ويعظم الاسلام ويبكى على نفسه واسرافه وذنوبه سيما اذا وعظ وكان يأتى بنفسه الى الفضيل بن عياض ويسمع وعظه وكان أبوه أغزاه أرض الروم وهو ابن خمس عشرة سنة وهو أجل الخلفاء وأعظم ملوك بنى العباس وكان كثير الحج قيل انه كان يحج سنة ويغزو سنة وفيه يقول بعض شعرائه

فمن يطلب لقاءك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور

وفى سيرة مغلطاى وقد كان حج تسع حجج وغزا ثمان غزوات* قال الجاحظ اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره وزراؤه البرامكة وقاضيه أبو يوسف وشاعره مروان بن أبى حفصة ونديمه العباس بن محمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>