ما أعتقك الا لله قال فانى لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذلك اليك قال فأقام حتى خرجت بعوث الشام فخرج معهم حتى انتهى اليها* وعن سعيد بن المسيب قال لما كانت خلافة أبى بكر تجهز بلال ليخرج الى الشأم فقال له أبو بكر ما كنت أراك يا بلال تدعنا على هذه الحال فلو أقمت معنا فأعنتنا قال ان كنت انما أعتقتنى لله عز وجل فدعنى أذهب اليه وان كنت انما أعتقتنى لنفسك فاحبسنى عندك فأذن له فخرج الى الشأم فمات بها* وقد اختلف أهل السير اين مات قال بعضهم بدمشق وقال بعضهم بحلب سنة عشرين وقيل سنة ثمان عشرة وهو ابن بضع وستين سنة* وفى المنتقى قال أبو بكر لبلال أعتقتك وكنت مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدك أرزاق رسله ووفوده فكن مؤذنا لى كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكن خازنا لى كما كنت خازنا له فقال له يا أبا بكر صدقت كنت مملوكك فأعتقتنى فان كنت أعتقتنى لتأخذ منفعتى فى الدنيا فخلنى أخدمك وان كنت أعتقتنى لتأخذ الثواب من الرّب فخلنى والرّب فبكى أبو بكر وقال اعتقتك لاخذ الثواب من المولى فلا أعجلها فى الدنيا فخرج بلال الى الشأم فمكث زمانا فرأى النبىّ صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال له يا بلال جفوتنا وخرجت من جوارنا فاقصد الى زيارتنا فانتبه بلال وقصد المدينة وذلك بقريب من موت فاطمة فلما انتهى الى المدينة تلقاه الناس فأخبر بموت فاطمة فصاح وقال بضعة النبىّ ما أسرع ما لقيت بالنبىّ صلى الله عليه وسلم وقالوا له اصعد فأذن فقال لا أفعل بعد ما أذنت لمحمد صلى الله عليه وسلم فألحوا عليه فصعد فاجتمع أهل المدينة رجالهم ونساؤهم وصغارهم وكبارهم وقالوا هذا بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤذن لنسمع الى أذانه فلما قال الله أكبر الله أكبر صاحوا وبكوا جميعا فلما قال أشهد أن لا اله الا الله ضجوا جميعا فلما قال أشهد أنّ محمدا رسول الله لم يبق فى المدينة ذو روح الابكى وصاح وخرجت العذارى والابكار من خدورهنّ يبكين وصار كيوم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ من أذانه فقال أبشركم انه لا تمس النار عينا بكت على النبىّ محمد صلى الله عليه وسلم ثم انصرف الى الشأم وكان يرجع فى كل سنة مرّة فينادى بالاذان الى أن مات* مروياته فى كتب الاحاديث أربعة وأربعون حديثا*
[ترجمة ابن أم مكتوم]
ومات بالمدينة ابن أمّ مكتوم فى الصفوة عمرو بن امّ مكتوم هو عمرو بن قيس* وفى معالم التنزيل هو عمرو بن شريح بن مالك وقيل اسمه عبد الله وأمّه عاتكة تكنى أمّ مكتوم وهى أمّ أبيه وعبد الله هذا ابن خال خديجة بنت خويلد وقد استخلفه على الامامة فى المدينة فى ثلاث عشرة غزوة من غزواته واستخلفه عليها حين خرج الىّ تبوك وعلىّ رضى الله عنه بالمدينة لانه استخلف عليا فى أهله كيلا ينالهم عدوّ بمكروه فلم يستخلفه فى الصلاة لئلا يشغله شاغل عن حفظهم كذا قاله الزين العراقى أسلم بمكة وصار ضرير البصر وهاجر الى المدينة وكان يؤذن للنبىّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة مع بلال وكان رسول الله يستخلفه بالمدينة يصلى بالناس فى عامة غزواته* وعن البراء بن عازب قال أوّل من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير ثم قدم علينا ابن أمّ مكتوم الاعمى وفيه نزلت عبس وتولى أن جاءه الاعمى وغير أولى الضرر بعد لا يستوى القاعدون وكان بعد ذلك يغزو ويقول ادفعوا الىّ اللواء فانى أعمى لا أستطيع أن أفرّ وأقيمونى بين الصفين* وقال أنس بن مالك كان مع ابن أمّ مكتوم يوم القادسية راية ولواء* وقال الواقدى مات ابن أمّ مكتوم بالمدينة ولم يسمع له ذكر بعد عمر* وفى شعبان سنة عشرين توفى أسيد بن حضير الانصارى أحد النقباء كذا فى الصفوة وماتت ابنة عمة النبىّ صلى الله عليه وسلم أمّ المؤمنين زينب بنت جحش وكانت تفتخر على أمّهات المؤمنين وتقول زوّجكنّ أهاليكنّ وزوّجنى الله تعالى من فوق سبع سموات وكانت دينة عابدة ورعة كثيرة الصدقة والمعروف وهى التى قال الله تعالى فيها