ورقة بن نوفل فأتته وقالت نعمت صباحا يا ابن عم وكانت هذه تحية الجاهلية بمنزلة السلام عليك قال لها أخديجة أنت وكان ورقة قد عمى من الكبر قالت نعم قال مالك يا سيدة نساء قريش قالت أخبرنى عن جبريل ما هو قال قدّوس قدّوس ما ذكر جبريل فى بلدة لا يعبدون فيها الله قالت انّ محمد بن عبد الله أخبرنى انه أتاه قال فان كان جبريل هبط الى هذه الارض لقد أنزل الله اليها خيرا عظيما هو الناموس الاكبر الذى أتى موسى وعيسى بالرسالة والوحى قالت فأخبرنى هل تجد فيما قرأت من التوراة والانجيل انّ الله يبعث نبيا فى هذا الزمان قال نعم يبعث الله نبيا فى هذا الزمان يكون يتيما فيؤويه الله وفقيرا فيغنيه الله تكفله امرأة من قريش أكثرهم حسبا فقال لها نعتها مثل نعتك يا خديجة قالت فهل تجد غيرها قال نعم انه يمشى على الماء كما مشى عيسى ابن مريم وتكلمه الموتى كما كلمت عيسى ابن مريم وتسلم عليه الحجارة وتشهد له الاشجار وأخبرها بنحو قول بحيرا ثم انصرفت عنه وأتت عداسا الراهب وكان شيخا كبير السن وقد وقع حاجباه على عينيه من الكبر فقالت أنعم صباحا يا عداس قال وكانّ هذا الكلام كلام خديجة سيدة نساء قريش قالت أجل قال هلموا الىّ العمامة لا رفع بها حاجبى لا نظر الى خديجة ففعلوا فقال ادنى منى فقد ثقل سمعى فدنت منه ثم قالت يا عداس أخبرنى عن جبريل ما هو وسألت بمثل ما سألت ورقة فأجابها بمثل ما أجابها ورقة وقال فى آخره ولكن يا خديجة ان الشيطان ربما عرض للعبد فأراه أمورا فخذى كتابى هذا فانطلقى به الى صاحبك فان كان مجنونا فانه سيذهب عنه وان كان من الله فلن يضرّه فانطلقت بالكتاب معها فلما دخلت منزلها اذا هى برسول الله صلّى الله عليه وسلم مع جبريل قاعد يقرئه هذه الآيات ن والقلم وما يسطرون* ما أنت بنعمة ربك بمجنون* وانّ لك لاجرا غير ممنون وانك لعلى خلق عظيم* فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون* أى المجنون فلما سمعت خديجة قراءته اهتزت فرحا ثم قالت للنبىّ صلّى الله عليه وسلم فداك أبى وأمى امض معى الى عداس فقام معها الى عداس فلما أن سلم عليه أدناه وكشف عن ظهره فاذا خاتم النبوّة يلوح بين كتفيه فلما نظر عداس اليه خرّ ساجدا يقول قدّوس قدّوس أنت والله النبىّ الذى بشر بك موسى وعيسى أما والله يا خديجة ليظهرن له أمر عظيم ونبأ كبير فو الله يا محمد ان عشت حتى تؤمر بالدعاء لا ضربن بين يديك بالسيف هل أمرت بشىء بعد قال لا قال ستؤمر ثم تؤمر ثم تكذب ثم يخرجك قومك فشق ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يا عداس وانهم ليخرجونى قال نعم ما جاء والله أحد بمثل ما جئت به الا أخرجه قومه وكان قومه أشدّ الناس عليه والله ينصرك وملائكته ثم انصرف عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم*
[(صفة نزول الوحى)]
* عن عائشة ان الحارث بن هشام سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحى فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشدّ علىّ فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا* وفى الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم أوحى اليه وهو على ناقته فبركت ووضعت جرانها بالارض فما تستطيع أن تتحرّك وانّ عثمان رضى الله عنه كان كاتب الوحى يكتب للنبىّ صلّى الله عليه وسلم لا يستوى القاعدون الآية وفخذ النبىّ صلّى الله عليه وسلم على فخذ عثمان فجاء ابن أمّ مكتوم فقال يا رسول الله ان بى من العذر ما ترى فغشيه الوحى فثقلت فخذه على فخذ عثمان حتى قال خشيت أن يرضها وأنزل الله غير أولى الضرر* وروى أنه صلّى الله عليه وسلم كان اذا نزل عليه الوحى وجد منه ألما شديدا ويتصدّع رأسه* وفى هذه السنة كانت وقعة قار بين ربيعة والفرس وولد رافع بن خديج قاله العتقى كذا فى سيرة مغلطاى*