وهو فى العريش ثم انتبه* وفى رواية البخارى أخذته صلّى الله عليه وسلم سنة من النوم ثم استيقظ متبسما فقال ابشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع يريد الغبار وقد رمى مهجع مولى عمر بسهم فقتل فكان أوّل قتيل من المسلمين ثم رمى حارثة بن سراقة أحد بنى عدى ابن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتل ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى الناس وهو يثب فى الدرع ويقول سيهزم الجمع ويولون الدبر فحرّضهم ونفل كل امرئ ما أصاب وقال والذى نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبرا لا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام أخو بنى سلمة وفى يده تمرات يأكلهنّ بخ بخ فما بينى وبين أدخل الجنة الا أن يقتلنى هؤلاء فقذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل وهو يقول
ركضا الى الله بغير الزاد ... الا التقى والعمل المفاد
والصبر فى الله على الجهاد ... وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والرشاد
وفى المشكاة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم قوموا الى جنة عرضها السموات والارض قال عمير ابن الحمام بخ بخ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما يحملك على قولك بخ بخ قال لا والله يا رسول الله الارجاء أن أكون من أهلها قال فانك من أهلها فأخرج تمرات من كرزه أى جعبته فجعل يأكل منهنّ ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى انها الحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمرات ثم قاتلهم حتى قتل رواه مسلم قال والتقى الناس ودنا بعضهم من بعض قال أبو جهل اللهمّ من كان أقطعنا رحما فأتى بمالا يعرف فأحنه الغداة وكان هو المستفتح على نفسه وقال يومئذ عوف بن الحارث وهو ابن عفراء يا رسول الله ماذا يضحك الرب من عبده قال غمسة يده فى العدوّ حاسرا فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل
[لطيفة انقلاب العصا سيفا]
وقاتل عكاشة بن محصن الاسدى حليف بنى عبد شمس يوم بدر بسيفه حتى انقطع فى يده فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأعطاه جذلا من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه هزه فعاد فى يده سيفا طويل القامة شديد المتن أبيض الحديد فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين وكان ذلك السيف يسمى العون ثم لم يزل عنده حتى قتل فى الردّة وهو عنده قتله طليحة الاسدى ثم انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ثم قال شاهت الوجوه ثم نفحهم بها ثم أمر أصحابه فقال شدوا فكانت الهزيمة وجعل الله تلك الحصباء عظيما شأنها لم تترك من المشركين رجلا الاملأت عينيه واستولى عليهم المسلمون معهم الله وملائكته يقتلونهم ويأسرونهم ويجدون النفر كل رجل منهم مكب على وجهه لا يدرى أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه فقتل الله من قتل من صناديد قريش وأسر من أسر من أشرافهم* قال قتادة وابو زيد ذكر لنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم بدر ثلاث حصيات فرمى بحصاة فى ميمنة القوم وبحصاة فى ميسرة القوم وبحصاة فى أظهرهم وقال شاهت الوجوه فانهزموا فذلك قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى* وفى معالم التنزيل تناول كفا من حصى عليه تراب فرمى فى وجوه القوم وقال شاهت الوجوه فلم يبق مشرك الا دخل فى عينيه وفى فمه ومنخره منها شىء فانهزموا ورد فهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم* وقال حكيم بن حزام لما كان يوم بدر سمعنا صوتا من السماء الى الارض كأنه صوت حصاة وقعت فى طست حين رمى رسول الله صلّى الله عليه وسلم تلك الحصيات فانهزمنا فذلك قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى وقال نوفل بن معاوية انهزمنا يوم بدر ونحن نسمع كوقع الحصاة فى الطساس فى أفئدتنا من خلفنا وكان ذلك أشدّ الرعب علينا فلما وضع القوم أيديهم يأسرون وسعد بن معاذ