تسمى دار خزيمة وكانت مسكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفيها ولدت خديجة أولادها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل النبىّ صلّى الله عليه وسلم مقيما فيها حتى هاجر فأخذها عقيل ثم اشتراها معاوية وهو خليفة فجعلها مسجدا يصلى فيه ويعرف اليوم بمولد فاطمة وهو أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام* ثم بعد أيام من موت خديجة تزوّجه عليه السلام بسودة كذا فى المواهب اللدنية روى عن عبد الله بن ثعلبة قال لما توفى أبو طالب وخديجة وكان بينهما ثلاثة أيام كما مرّ وهو المشهور وقيل شهر وخمسة أيام اجتمعت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم مصيبتان فلزم بيته وقلّ الخروج ونالت قريش منه ما لم تسكن تنال فبلغ ذلك أبا لهب فجاءه فقال يا محمد امض لما أردت واصنع ما كنت صانعا حين كان أبو طالب حيا فقام أبو لهب بحمايته ومعونته ولم يتعرّض له أحد من خوف أبى لهب حتى جاء عقبة بن أبى معيط وأبو جهل الى أبى لهب فقالا له أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك فقال له أبو لهب يا محمد أين مدخل عبد المطلب قال مع قومه فخرج أبو لهب اليهما فقال سألته فقال مع قومه فقالا يزعم أنه فى النار فقال أبو لهب يا محمد أيدخل عبد المطلب النار فقال نعم ومن مات على مثل ما مات عليه عبد المطلب دخل النار فقال أبو لهب يا محمد والله لا برحت لك عدوّا أبدا وأنت تزعم أنّ عبد المطلب فى النار فاشتدّ عليه أبو لهب وسائر قريش لما عرفوا وظاهر قوله فقام أبو لهب بحمايته ومعاونته يخالف ما مرّ فى السنة الرابعة من النبوّة من قوله تبالك ألهذا دعوتنا الى آخره*
[خروجه عليه السلام الى الطائف والى ثقيف]
وفى هذه السنة خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى الطائف والى ثقيف بعد ثلاثة أشهر من موت خديجة فى ليال يستنصرهم* وفى رواية لثلاث بقين من شوّال سنة عشر من النبوّة لما ناله من قريش بعد موت أبى طالب وخديجة وهو مكروب فلا جرم جعل الله الطائف متنفسا لاهل الاسلام ممن ضاق بمكة الى يوم القيامة فهى راحة الامّة ومتنفس كل ذى ضيق وغمة سنة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا* وروى عن محمد بن جبير بن مطعم قال لما توفى أبو طالب بالغت قريش فى ايذاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم حينئذ الى الطائف ومعه زيد بن حارثة وفى معالم التنزيل خرج وحده وذلك فى ليال بقين من شوّال السنة العاشرة من النبوّة فأقام بالطائف شهرا كذا فى حياة الحيوان* وقال ابن سعد عشرة أيام كذا فى المواهب اللدنية لا يدع أحدا من أشراف ثقيف الاجاءه وكلمه ودعاه الى الله فلم يجيبوه الى طلبته وقالوا يا محمدا خرج من بلدنا وألحق بمحابك من الارض قال محمد بن كعب القرظى لما انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى الطائف عمد الى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم اخوة ثلاثة عبد يا ليل بمثناة تحتية بعدها ألف ثم لام مكسورة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم لام ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير كذا فى المنتقى وفى المواهب اللدنية غير هذا وعند أحدهم امرأة من قريش من بنى جمح فجلس اليهم فدعاهم الى الله عز وجل وكلمهم بما جاءهم به من نصرته على الاسلام والقيام معه على من خالفه من قومه فقال أحدهم هو يمرط ثياب الكعبة ان كان الله أرسلك وقال الآخر أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلملك كلمة أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لانت أعظم خطرا من أن أردد عليك الكلام وان كنت تكذب ما ينبغى لى أن أكلمك فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من حير ثقيف فقال لهم اذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا علىّ وكره رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه ذلك فلم يفعلوا وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع الناس عليه فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى انّ رجليه لتدميان* وفى المواهب اللدنية قال موسى بن عقبة رجموا عراقيبه بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء وزاد غيره وكان اذا أذلقته الحجارة قعد الى الارض