عبد العزيز وقد سئل عن على ومعاوية قال دماؤهم قد طهر الله منها سيوفنا أفلا يطهر من الخوض فيها ألسنتنا وهكذا ينبغى لمن يخاف الله تعالى أن لا يكفر أحدا من أهل القبلة بكلام يصدر منه يحتمل التأويل على الحق والباطل فان الآخراج من الاسلام عظيم ولا يسارع به الا الجاهل* ويحكى عن شيخ العارفين قطب الزمان عبد القادر الكيلانى قدّس الله روحه أنه قال عثر الحلاج ولم يكن له من يأخذ بيده ولو أدركت زمانه لاخذت بيده وهذا وما سبق عن الامام الغزالى فى أمره كاف لمن له أدنى فهم وبصيرة وسمى الحلاج لانه جلس يوما على حانوت حلاج فاستقضاه حاجة فقال له الحلاج أنا مشتغل بالحلج فقال له اقض حاجتى حتى أحلج عنك فمضى الحلاج فى حاجته فلما عاد وجد قطنه كله محلوجا وكان لا يحلجه عشرة رجال فى أيام متعدّدة فمن ثمة قيل له الحلاج وقيل انه كان يتكلم على الاسرار ويخبر عنها فسمى حلاج الاسرار وكان من أهل البيضاء بلدة بفارس واسمه الحسين بن منصور* وفيها توفى شيخ الصوفية أبو العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الزاهد البغدادى* وفى سنة عشر وثلثمائة مات عالم العصر أبو حفص محمد بن جرير الطبرى صاحب التفسير والتاريخ والفقهيات مات فى شوّال وله ست وثمانون سنة وفيها فى جمادى الاخرة انقض كوكب فى المشرق فى برج السنبلة طوله نحو ذراعين ذكره فى الكامل* وفى سنة احدى عشرة وثلثمائة مات أبو اسحاق الزجاج نحو العراق وحافظ ما وراء النهر أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى صاحب الصحيح وشيخ الطب محمد بن زكريا الرازى صاحب الكتب* وفى سنة اثنتى عشرة وثلثمائة افتتح المسلمون فرغانة من مدائن الترك وفى سنة ثلاث عشرة وثلثمائة انقض كوكب كبير وقت المغرب له صوت مثل صوت الرعد الشديد وضوء عظيم أضاءت له الدنيا* وفى سنة أربع عشرة وثلثمائة توجه أبو طاهر القرمطى نحو مكة فبلغ خبره الى أهلها فنقلوا أموالهم وحرمهم الى الطائف وغيره خوفا منه كذا فى الكامل* وفى سنة ست عشرة وثلثمائة مات ببغداد شيخها الحافظ ذو التصانيف أبو بكر بن صاحب السنن أبى داود السجستانى وله ست وثمانون سنة وكان ذا زهد ونسك وصلى عليه نحو ثلثمائة ألف نفس وقد حدّث من حفظه بأصبهان بثلاثين ألف حديث باسانيدها ومات باسفرائن حافظها الكبير أبو عوانة يعقوب بن اسحاق الاسفرائنى صاحب المسند واستمرّ المقتدر فى الخلافة الى سنة سبع عشرة وثلثمائة ثم خلع ثانيا بأخيه القاهر بالله أبى منصور محمد*
[(خلافة القاهر بالله أبى منصور محمد بن المعتضد)]
* أحمد بن ولىّ العهد الموفق طلحة بن المتوكل جعفر العباسى الهاشمى أمير المؤمنين وأمه أم ولد مغربية تسمى فنون* صفته* كان أسمر ربعة أصهب الشعر طويل الانف بويع بالخلافة بعد أن قبض على أخيه المقتدر جعفر وعلى أمه وخالته وأخرجوا الى دار يونس وكان القاهر هذا محبوسا فوصل فى الثلث الاخير من ليلة الخامس عشر من المحرّم سنة سبع عشرة وثلثمائة وبايعه يونس والامراء ولقبوه بالقاهر بالله ثم أشهد المقتدر على نفسه بالخلع فى يوم السبت وجلس القاهر فى يوم الاحد وكتب الوزير عنه الى الاقطار وعمل الموكب يوم الاثنين فامتلات دهاليز الدار بالعسكر يطلبون رزق البيعة ورزق سنة أيضا فارتفعت أصوات الرجالة ثم هجموا على الحاجب نازل وهو بدار الخلافة فقتلوه وصاحوا يا مقتدر يا منصور فتهارب من فى دار الخلافة ثم أخرج المقتدر وحضر الى دار الخلافة وجلس مجلسه فأتوا بأخيه محمد القاهر هذا وجلس بين يديه فاستدناه المقتدر وقبل جبينه وقال له يا أخى والله أنت لا ذنب لك والقاهر يبكى ويقول ألله ألله يا أمير المؤمنين فى نفسى فقال المقتدر والله لا جرى عليك منى سوء أبدا فطب نفسا وأقام القاهر عند أخيه المتقدر مبجلا محترما الى أن أعيد الى الخلافة بعد موت أخيه المقتدر*
(خلافة المقتدر بالله جعفر أعيد الى الخلافة ثالث مرّة)