لكن بأسباب متينات الهدى ... نكبها الله ثنيات الردى
وعن عبد الله بن قرط الثمالى قال لما خرج خالد من عين التمر مقبلا الى الشام كتب الى المسلمين مع عمرو ابن الطفيل بن عمرو الازدى وهو ابن ذى النور* أما بعد فانّ كتاب خليفة رسول الله أتانى بالمسير اليكم وقد شمرت وانكمشت وكأن قد أظلت عليكم خيلى ورجالى فابشروا بانجاز موعد الله وحسن ثواب الله عصمنا لله واياكم باليقين وأثابنا أحسن ثواب المجاهدين والسلام عليكم*
[كتاب خالد الى أبى عبيدة]
وكتب معه الى أبى عبيدة أما بعد فانى اسأل الله لنا ولك الا من يوم الخوف والعصمة فى دار الدنيا من كل سوء وقد اتانى كتاب خليفة رسول الله يأمرنى بالمسير الى الشأم وبالقيام على جندها والتولى لامرها والله ما طلبت ذلك قط ولا أردته اذ وليته فأنت على حالك التى كنت عليها لا نعصيك ولا نخالفك ولا نقطع دونك أمرا فأنت سيد المسلمين لا ننكر فضلك ولا نستغنى عن رأيك تمم الله بنا وبك من احسان ورحمنا واياك من صلىّ النار والسلام عليك ورحمة الله* قال فلما قدم علينا عمرو بن الطفيل وقرأ كتاب خالد على الناس وهم بالجابية ودفع الى أبى عبيدة كتابه فقرأه قال بارك الله لخليفة رسول الله فيما رأى وحيا الله خالدا قال وشق على المسلمين أن ولى خالدا على أبى عبيدة ولم أره على احد أشق منه على بنى سعيد بن العاص وانما كانوا متطوّعين حبسوا انفسهم فى سبيل الله حتى يظهر الله الاسلام فأما ابو عبيدة فانا لم نتبين فى وجهه ولا فى شئ من منطقه الكراهة لامر خالد* وعن سهل بن سعد أنّ أبا بكر كتب الى أبى عبيدة أما بعد فانى قد وليت خالدا قتال العدوّ بالشام فلا تخالفه واسمع له وأطع أمره فانى لم أبعثه عليك أن لا تكون عندى خيرا منه ولكنى ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك أراد الله بنا وبك خيرا والسلام*
[اغارة خالد على بنى تغلب]
ثم انّ خالدا خرج من عين التمر حتى أغار على بنى تغلب والنمر بالبشر فقتلهم وهزمهم وأصاب من أموالهم طرفا قال وانّ رجلا منهم ليشرب من شراب له فى جفنة وهو يقول
* الاعللانى قبل جيش أبى بكر ... لعل منايانا قريب وما ندرى*
فما هو الا أن فرغ من قوله اذ شدّ عليه رجل من المسلمين فضرب عنقه فاذا رأسه فى الجفنة* وعن عدى ابن حاتم قال أغرنا يعنى مع خالد على أهل المصيخ واذا رجل من النمر يدعى حرقوص بن النعمان حوله بنوه وبينهم جفنة من خمروهم عليها عكوف يقولون له ومن يشرب هذه الساعة فى أعجاز الليل فقال اشربوا شرب وداع فما أرى أن تشربوا خمرا بعدها أبدا هذا خالد بالعين وقد بلغه جمعنا وليس بتاركنا ثم قال
الا فاشربوا من قبل قاصمة الظهر ... وقبل انتقاص القوم بالعسكر الدثر
وقيل منايانا المصيبة بالقدر ... بحين لعمرى لا يزيد ولا يحرى
فسبق اليه وهو فى ذلك بعض الخيل فضرب رأسه فاذا هو فى جفنته فأخذنا بناته وقتلنا بنيه* وفى كتاب سيف قال ولما بلغ غسان خروج خالد على سوى وانتسافها واغارته على مصيخ بهراء وانتسافها اجتمعوا بمرج راهط وبلغ ذلك خالدا وقد خلف ثغور الشام وجنودها مما يلى العراق فصار بينهم وبين اليرموك صمد لهم فخرج من سوى بعد ما رجع اليها بسبى بهراء فنزل علمين على الطريق ثم نزل الليث حتى صار الى دمشق ثم مرج الصفر فلقى عليه غسان وعليهم الحارث بن الايهم فانتسف عسكرهم ونزل بالمرج أياما وبعث الى أبى بكر بالأخماس ثم خرج من المرج حتى نزل مياه بصرى فكانت أوّل مدينة افتتحت بالشام على يدى خالد فيمن معه من جنود العراق وخرج منها فوافى المسلمين بالواقوصة* وعن غير سيف أنّ خالدا أغار على غسان فى يوم فصبحهم فقتل وسبى وخرج على أهل الغوطة حتى أغار عليهم فقتل ما شاء وغنم ثم انّ العدوّ دخلوا دمشق فتحصنوا وأقبل أبو عبيدة وكان بالجابية مقيما حتى نزل معه بالغوطة فحاصر أهل دمشق*
عدّة الجيش الذى دخل الشام مع خالد
وعن قيس بن أبى حازم قال كان خرج مع خالد من بجيلة وعظيمهم أحمس نحو من