أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الاموال كلها والشق والنطاة والكثيبة وجميع حصونهم الا ما كان من ذينك الحصنين الوطيح والسلالم فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم وأن يخلوا له الاموال ففعل فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم فى الاموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على انا اذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم* وفى رواية قال نقرّكم على ذلك ما شئنا فصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكان خيبر فيئا للمسلمين وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لانهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب*
[سم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الشاة]
وفى هذه الغزوة سمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها سمته زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم أخت مرحب اليهودى قاله ابن اسحاق وذلك بعد ما دخل النبىّ صلى الله عليه وسلم حصن القموص واطمأنّ أهدت له زينب شاة مصلية أى مشوية مسمومة كلها لكن جعلت السمّ فى الذراع أكثر مما فى باقى الاعضاء لانها سألت أى عضو من الشاة أحب الى محمد فقيل لها الذراع كذا فى معالم التنزيل* وفى الاكتفاء فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمّا بشر فأساغها وأمّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ومات بشر بن البراء من أكلته التى أكلها من تلك الشاة* وفى المنتقى فلاكها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها فأخذها بشر بن البراء فمات من ساعته وقيل بعد سنة* وفى الاكتفاء فلفظها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال انّ هذا العظم ليخبرنى أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت فقال ما حملك على ذلك قالت بلغت من قومى ما لم يخف عليك فقلت ان كان ملكا استرحت منه وان كان نبيا فسيخبر فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بشر بن البراء من أكلته* وفى مغازى سليمان التيمى أنها قالت ان كنت كاذبا أرحت الناس منك وقد استبان لى الان أنك صادق وأنى أشهدك ومن حضر أنى على دينك وأن لا اله الا الله وأنّ محمدا رسول الله فانصرف عنها حين أسلمت وفيه موافقة الزهرى على اسلامها* وفى المواهب اللدنية عمدت زينب الى عنزلها فذبحتها وصلتها ثم عمدت الى سمّ لا يطنى يعنى لا يلبث أن يقتل من ساعته وقد شاورت يهود فى سموم فاجتمعوا لها فى هذا السمّ بعينه فسمت الشاة وأكثرت فى الذراعين والكتف فوضعت بين يديه ومن حضر من أصحابه وفيهم بشر بن البراء فتناول صلى الله عليه وسلم الذراع فانتهش منها وتناول بشر بن البراء عظما آخر فلما ازدرد صلى الله عليه وسلم لقمته ازدرد بشر بن البراء ما فى فيه وأكل القوم فقال صلى الله عليه وسلم ارفعوا أيديكم فانّ هذه الذراع تخبرنى أنها مسمومة وفيه أن بشر بن البراء مات فيه وفيه دفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أولياء بشر فقتلوها رواه الدمياطى* وفى سيرة مغلطاى لم يقتلها وأمر بلحم الشاة فأحرق* وفى حديث جابر عن أبى داود توفى أصحابه الذين أكلوا من الشاة واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذى أكله من الشاة كذا فى المواهب اللدنية* وفى الاكتفاء ذكر ابن عقبة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الكتف من تلك الشاة فانتهش منها وتناول بشر عظما فانتهش منه فلما استرط رسول الله صلى الله عليه وسلم لقمته استرط بشر ما فى فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفعوا أيديكم فانّ كتف هذه الشاة تخبرنى انى بغيت فيها فقال بشر بن البراء والذى أكرمك لقد وجدت ذلك فى أكلتى التى أكلت فما منعنى أن ألفظها الا انّى أعظمت أن أبغضك طعامك فلما أسغت ما فى فيك لم أكن لأرغب بنفسى عن نفسك ورجوت أن لا تكون