تهيأت لهم الروم وتسيرت فانما أنا مغيث وليس لهم مدد فكونوا أنتم ههنا على حالتكم التى كنتم عليها فان نفرغ مما أشخصنا اليه عاجلا عجلنا اليكم وان أبطأت رجوت أن لا تعجزوا ولا تهنوا وليس خليفة رسول الله بتارك امدادكم بالرجال حتى يفتح الله عليكم هذه البلاد ان شاء الله تعالى* ويروى انّ أبا بكر أمر خالدا بالخروج فى شطر الناس وأن يخلف على الشطر الثانى المثنى بن حارثة وقال له لا تأخذ مجدا الا خلفت لهم مجدا فاذا فتح الله عليك فارددهم الى العراق وأنت معهم ثم أنت على عملك وأحضر خالد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأثر بهم على المثنى وترك للمثنى أعدادهم من أهل الغباء ممن لم يكن له صحبة ثم نظر فيمن بقى فاختلج من كان قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وافدا أو غير وافد وترك للمثنى اعدادهم من أهل الغباء ثم قسم الجند نصفين فقال المثنى والله لا اقيم الا على انفاذ أمر أبى بكر كله فى استصحاب نصف الصحابة وابقاء النصف وبعض النصف فو الله ما أرجو النصر الا بهم فانى تعرينى منهم فلما رأى ذلك خالد بعد ما تكلما عليه أعاضه منهم حتى رضى وكان فيمن أعاضه منهم فرات بن حيان العجلى وبشر بن الخصاصية والحارث بن حسان الدهليان ومعبد بن أم معبد الاسلمى وبلال بن الحارث المزنى وعاصم بن عمرو التيمى حتى اذا رضى المثنى واخذ حاجته انحدر خالد ومضى لوجهه وشيعه المثنى الى قراقر فقال له خالد انصرف الى سلطانك غير مقصر ولا ملوم ولا وان*
[كيفية سلوك خالد فى القفار]
وذكر الطبرى انّ خالدا لما أراد المسير الى الشام دعا بالادلة فارتحل من الحيرة سائرا الى دومة ثم طعن فى البر الى قراقر ثم قال كيف لى بطريق أخرج فيه من وراء جموع الروم فانى ان استقبلتها حبستنى عن غياث المسلمين فكلهم قالوا لا نعرف الا طريقا لا يحمل الجيش فاياك أن تغرر بالمسلمين فعزم عليه فلم يجبه الى ذلك الا رافع بن عميرة على تهيب شديد فقام فيهم فقال لا تختلفنّ هدتكم ولا تضعفن تعبيتكم واعلموا انّ المعونة تأتى على قدر النية والاجر على قدر الحسبة وانّ المسلم لا ينبغى له أن يكترث بشىء يقع فيه مع معونة الله له فقالوا له أنت رجل قد جمع الله لك الخير فشأنك فطابقوه ونووا واحتسبوا* وذكر غير الطبرى انّ خالدا حين أراد المسير الى الشام قال له محرز بن حريش وكان يتجر بالحيرة ويسافر الى الشام اجعل كوكب الصبح على حاجبك الايمن ثم أمّه حتى تصبح فانك لا تحور فجرّب ذلك فوجده كذلك ثم أخذ فى السماوة حتى انتهى الى قراقر فقوّر من قراقر الى سوى وهما منزلان بينهما خمس ليال فلم يهتدوا للطريق فدل على رافع بن عميرة الطائى فقال له خفف الاثقال واسلك هذه المفازة ان كنت فاعلا فكره خالد أن يخلف احدا فقال قد أتانى أمر لابد من انفاذه وان تكون جميعا قال فو الله انّ الراكب المنفرد ليخافها على نفسه لا يسلكها الا مغررا فكيف انت بمن معك فقال انه لا بدّ من ذلك فقدأتنى؟؟؟ عزمة قال فمن استطاع منكم أن يصرّ اذن راحلته على ماء فليفعل فانها المهالك الا ما وقى الله ثم قال لخالد ابغنى عشرين جزورا عظاما سمانا مسانّ فأتاه بهنّ فظمأهنّ حتى اذا جهدهنّ عطشا سقاهنّ حتى أرواهنّ ثم قطع مشافرهنّ ثم عكمهنّ ثم قال لخالد سر بالخيول والاثقال فكلما نزل منزلا نحر من تلك الشرف اربعا فافتظ ماءهنّ فسقاه الخيول وشرب الناس مما تزوّدوا حتى اذا كان آخر ذلك قال خالد لرافع ويحك ما عندك يا رافع فقال أدركك الرى ان شاء الله انظروا هل تجدون شجرة عوسج على ظهر الطريق قالوا لا قال انا لله اذا والله هلكت وأهلكت لا أبالكم نظروا فنظروا فوجدوها فكبر وكبروا وقال احفروا فى أصلها فاحتفروا فوجدوا عينا فشربوا وارتووا فقال رافع والله ما وردت هذا الماء قط الا مرّة مع أبى وأنا غلام قال راجز من المسلمين
لله درّ رافع أنى اهتدى ... قوّر من قراقر الى سوى
أرضا اذا ما سارها الجيش بكى ... ما سارها من قبله انس أرى