للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسع عشرة سنة الاشهرا* وفى سيرة مغلطاى فمكث فى الخلافة ست عشرة سنة وعشرة أشهر وثلاثة عشر يوما وتوفى سنة أربعين وستمائة فى جمادى الاخرة وهو الذى بنى المستنصرية ببغداد التى لم يبن فى الاسلام مثلها فى كثرة الاوقاف وكثرة ما جعل فيها من الكتب*

[(خلافة المستعصم بالله أبى أحمد عبد الله بن المستنصر ابن الظاهر بأمر الله محمد أمير المؤمنين الهاشمى العباسى البغدادى)]

* آخر خلفاء بنى العباس ببغداد وهو السادس فخلع وقتل فى أيام هولاكو أمّه أمّ ولد حبشية بويع بالخلافة بعد موت أبيه فى جمادى الاخرة سنة أربعين وستمائة وعمره ثلاثون سنة وكان فيه لين وقلة معرفة* وفى سيرة مغلطاى ومكث فى الخلافة خمس عشرة سنة وستة أشهر وعشرين يوما وقتله التتار سنة خمسين وستمائة* وفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة وصلت التتار الى يعقوبا من أعمال بغداد فالتقاهم الديدوان فكسرهم وفيها مات بدمشق العلامة تقى الدين بن الصلاح شيخ الشافعية والامام علم الدين السخاوى شيخ القراء ومسند العصر أبو الحسن على بن الحسين بن المقبرى بمصر وله ثمان وتسعون سنة* وفى سنة خمسين وستمائة مات العلامة رضى الدين بن الحسن بن محمد الصاغانى صاحب التصانيف ببغداد وله ثلاث وسبعون سنة*

ظهور النار خارج المدينة المنوّرة

وفى سنة أربع وخمسين وستمائة كان ظهور النار خارج مدينة النبىّ صلى الله عليه وسلم فكانت من الايات الكبرى التى أنذر بها النبىّ صلى الله عليه وسلم بين يدى الساعة ولم يكن لها حرّ على عظمها وشدّة ضوئها ودامت أياما وظنّ أهل المدينة انها الساعة وابتهلوا الى الله بالدعاء والتوبة وتواتر شأن هذه النار* وفى الوفاء ظهرت نار الحجاز التى أنذر بها النبىّ صلى الله عليه وسلم بأرض المدينة واطفأها الله تعالى عند وصولها الى حرم نبينا كما سنوضحه وهذه النار مذكورة فى الصحيحين ولفظ البخارى يخرج نار من أرض الحجاز تضىء منها أعناق الابل ببصرى ولا اشكال فى أنّ المدينة حجازية وظهور النار المذكورة بالمدينة الشريفة قد اشتهر اشتهارا بلغ حد التواتر عند أهل الاخبار وتقدّمها زلازل مهولة وكان ابتداء الزلزلة بالمدينة الشريفة مستهل جمادى الاولى سنة أربع وخمسين وستمائة لكنها كانت خفيفة لم يدركها بعضهم وتكرّرت بعد ذلك واشتدّت فى يوم الثلاثاء على ما حكاه القطب القسطلانى وظهرت ظهورا عظيما اشترك فى ادراكها العامّ والخاص ثم لما كانت ليلة الاربعاء ثالثة الشهر أو رابعته فى الثلث الاخير من الليل حدث بالمدينة زلزلة عظيمة أشفق الناس منها وانزعجت القلوب لهيبتها واستمرّت تزلزل بقية الليل واستمرّت الى يوم الجمعة ولها دوىّ أعظم من دوىّ الرعد فتموّجت الارض وتحركت الجدران حتى وقع فى يوم واحد دون ليلته ثمانى عشرة حركة* قال القرطبى خرجت نار الحجاز بالمدينة وكان بدوّها زلزلة عظيمة فى ليلة الاربعاء بعد الليلة الثالثة من جمادى الاخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرّت الى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت وظهرت بقريظة النار بطرف الحرّة ترى فى صفة البلدة العظيمة عليها سور محيط عليه شراريف وأبراج وماذن وترى رجال يوقدونها لا تمرّ على جبل الا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وازرق له دوىّ كدوىّ الرعد يأخذ الصخور بين يديه وينتهى الى محط الركب العراقى واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم فانتهت النار الى قرب المدينة ومع ذلك كان يأتى الى المدينة نسيم بارد وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وقال لى بعض أصحابنا رأيتها صاعدة فى الهواء من نحو خمسة أيام وسمعت انها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى ونقل أبو شامة من كتاب الشريف سنان قاضى المدينة الشريفة وغيره أنّ فى ليلة الاربعاء ثالثة جمادى الاخرة حدثت بالمدينة فى الثلث الاخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها وباتت فى تلك الليلة تزلزل ثم استمرّت تزلزل كل يوم وليلة مقدار عشر مرّات وفى كتاب بعضهم أربع عشرة مرّة قال ولقد تزلزلت مرّة ونحن حول الحجرة فاضطرب لها المنبر الى أن سمعنا منه

<<  <  ج: ص:  >  >>