النبىّ صلّى الله عليه وسلم سلعته فوقع بينه وبين رجل نزاع فقال له الرجل احلف باللات والعزى فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما حلفت بهما قط وانى لأمر فأعرض عنهما فقال الرجل القول قولك ثم قال لميسرة هذا والله نبىّ تجده أحبارنا منعوتا فى كتبهم وكان ميسرة اذا كانت الهاجرة واشتدّ الحرّيرى ملكين يظلان رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الشمس وكان الله قد ألقى عليه المحبة من ميسرة وكان كأنه عبد له فوعى ذلك كله ميسرة فباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون فلما رجعوا وكانوا بمرّ الظهران تقدّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ودخل مكة فى وقت الظهيرة وخديجة فى علية لها فرأت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو على بعيره وملكان يظلان عليه فأرته النساء فعجبن لذلك ودخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخبرها بما ربحوا فسرّت بذلك خديجة ثم قدم ميسرة ودخل عليها فأخبرته بما رأت فقال ميسرة قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشأم وأخبرها بالربح وبما شاهد من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبما قال الراهب نسطور وبما قال الآخر الذى حالفه فى البيع فأضعفت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ضعف ما سمت له وكانت خديجة امرأة عاقلة شريفة مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير وهى يومئذ أفضلهم نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا وقومها كانوا حراصا على نكاحها ولكن شرّفها الله بنكاح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمّا خزيمة فرجع الى بلاده وقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم اذا سمعت بخروجك أتيتك ووفد على رسول الله مسلما بعد فتح مكة والله أعلم*
(ذكر من خطب خديجة ومن تزوّجها قبل النبىّ صلّى الله عليه وسلم)
* فى المنتقى* روى أنّ خديجة ذكرت أوّل ما ذكرت للازواج لورقة بن نوفل ولم يقض بينهما نكاح وفى السمط الثمين قال ابن شهاب تزوّجت خديجة قبل النبىّ صلّى الله عليه وسلم رجلين الاوّل منهما عتيق بن عائذ ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم فولدت له جارية اسمها هند فأسلمت وتزوّجت* وفى سيرة مغلطاى ولدت له عبد الله وقيل عبد مناف ثم خلف عليها بعده أبو هالة النباش التميمى وهو من بنى أسد بن عمرو فولدت له رجلا يقال له هند وامرأة يقال لها هالة من النباش بن زرارة ويكنى أبا هالة ويقال له هند* وفى سيرة مغلطاى فولدت له هندا والحارث وزينب وكانت تكنى أمّ هند وتدعى الطاهرة* وفى المنتقى فولدت له هندا وهالة وهما ذكران قال محمد بن اسحاق تزوّجت وهى بكر عتيق بن عائذ ثم هلك عنها فتزوّجها أبو هالة النباش بن زرارة أحد بنى عامر بن تميم حليف بنى عبد الدار فولدت له رجلا وامرأة ثم هلك عنها* وقال الدار قطنى أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة وعن قتادة مثله وقال أبو هالة هند بن زرارة بن النباش فولدت له هند بن هند* وفى المنتقى اسم أبى هالة هند* وروى عن ابن شهاب أنه قال تزوّجها أوّلا أبو هالة ثم بعده عتيق ذكره الدولابى وأبو عمرو وصحح أبو عمرو قول ابن شهاب الثانى ولم يذكر ابن قتيبة غير الاوّل*
[(ذكر هند بن هند)]
* وهو ابن خديجة قال ابن قتيبة وأبو سعيد وأبو عمرو عاش هند بن هند ربيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم مسلما الى أن قتل مع علىّ يوم الجمل قاله الزبير بن بكار* وقيل مات بالبصرة فى الطاعون فازدحم الناس على جنازته وتركوا جنائزهم وقالوا ربيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكان فصيحا بليغا وصافا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن وأتقن وكان يقول أنا أكرم الناس أبا وأمّا وأخا وأختا ابى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمى خديجة وأخى القاسم وأختى فاطمة رضى الله عنهم أجمعين* وأمّا الجاريتان المذكورتان فى أولاد خديجة من قبل رسول الله فلم أظفر من أخبارهما بشىء والله أعلم*
تزوّجه عليه السلام خديجة
وفى هذه السنة الخامسة والعشرين بعد قدومه صلّى الله عليه وسلم من سفر الشأم بشهرين وخمسة وعشرين يوما تزوّج كما مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى