قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق فى أكمامها لم تفتق
قالت عائشة فقلت لبعض أهلى اعلموا الى من هذا الرجل فذهبوا فلم يجدوا فى مناخه أحدا قالت عائشة فو الله انى لا حسبه من الجنّ فلما قتل عمر نحل الناس هذه الابيات للشماخ بن ضرار ولاخيه مزرّد* قال سعيد بن المسيب لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالابطح ثم كوّم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه فاستلقى ثم مدّيده الى السماء فقال اللهمّ كبر سنى وضعفت قوّتى وانتشرت رعيتى فاقبضنى اليك غير مضيع ولا مفرّط ثم قدم المدينة فخطب الناس فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل* وروى أن عمر لما انصرف من حجته هذه التى لم يحج بعدها أتى ضجنان ووقف فقال الحمد لله ولا اله الا الله يعطى الله من يشاء ما يشاء لقد كنت بهذا الوادى أرعى ابلا للخطاب وكان فظا غليظا يتعبنى اذا عملت ويضربنى اذا قصرت وقد أصبحت وأمسيت وليس بينى وبين الله أحد أخشاه ثم تمثل بهذه الابيات
لا شئ مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الا له ويردى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان اذ تجرى الرياح له ... والانس والجنّ فيما بينها ترد
أين الملوك التى كانت لعزتها ... من كل أوب اليها وافد يفد
حوض هنا لك مور ودبلا كذب ... لا بدّ من ورده يوما كما وردوا
[(ذكر مقتله رضى الله عنه)]
روى أنّ عمر كان لا يأذن لمشرك قد احتلم أن يدخل المدينة حتى كتب اليه المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يستأذنه فى غلام صنع اسمه فيروز أبو لؤلؤة فقال ان لديه أعمالا كثيرة حداد ونقاش ونجار ومنافع للناس فأذن له فأرسل به المغيرة وضرب عليه المغيرة مائة درهم فى كل شهر فجاء الغلام الى عمر واشتكى فقال له عمر ما تحسن من الاعمال فذكرها فقال له عمر ما خراجك بكثير* وعن عمرو بن ميمون قال كان أبو لؤلؤة أزرق نصرانيا خرجه أبو عمرو وقيل كان مجوسيا ذكره القلعى وغيره* وعن أبى رافع قال كان أبو لؤلؤة عبد اللمغيرة بن شعبة وكان يصنع الارحاء وكان المغيرة كل يوم يستغله أربعة دراهم فلقى أبو لؤلؤة عمر فقال يا أمير المؤمنين انّ المغيرة أثقل علىّ غلتى فكلمه لى يخفف عنى فقال له عمر اتق الله وأحسن الى مولاك فغضب العبد وقال وسع الناس كلهم عدله غيرى فأضمر على قتله فاصطنع خنجرا له رأسان وسمه ثم أتى به الهرمز ان فقال كيف ترى هذا فقال انك لا تضرب بهذا أحدا الا قتلته كذا فى الرياض النضرة* وروى انّ عمر بعد أن قدم المدينة من حجته خرج يوما يطوف بالسوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال يا أمير المؤمنين أعدنى على المغيرة فانّ علىّ خراجا كثيرا قال وكم خراجك قال درهمان فى كل يوم قال وأيش صناعتك قال نجار نقاش حدّاد قال فما أرى خراجك كثيرا على ما تصنع من الاعمال قال بلغنى انك تقول لو أردت أعمل رحى تطحن بالريح لفعلت قال نعم قال فاعمل لى رحى قال لئن سلمت لا عملنّ لك رحى يتحدّث بها بالمشرق والمغرب ثم انصرف عنه فقال عمر لقد توعدنى العلج آنفا* وفى رواية قيل له ما يمنعك ان تأمر بدفعه قال لا قصاص قبل القتل ثم انصرف عمر الى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الاحبار فقال يا أمير المؤمنين اعهد فانك ميت فى ثلاثة أيام قال وما يدريك قال أجده فى كتاب الله التوراة فقال عمر آلله انك لتجد عمر ابن الخطاب فى التوراة قال اللهمّ لا ولكن أجد صفتك وحليتك بانه قد فنى أجلك وعمر لا يحس وجعا ولا ألما قبل فقال عمر رضينا بقضاء الله وقدره فلما أصيب تذكر قول كعب فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا فلما كان من الغد جاءه كعب فقال يا أمير المؤمنين ذهب يوم وبقى يومان ثم جاءه من بعد الغد فقال ذهب يومان وبقى يوم وليلة وهى لك الى صبحها* فلما كان الصبح خرج عمر الى الصلاة وكان