ليسطونّ بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق الى المغرب* قال الشيخ الزركشى والصحيح ان ولادته صلّى الله عليه وسلم كانت نهارا قال وأما ما روى من تدلى النجوم فضعفه ابن دحية لاقتضائه أن الولادة كانت ليلا قال وهذا لا يصح أن يكون تعليلا فان زمان النبوّة صالح للخوارق ويجوز أن تسقط النجوم نهارا انتهى فاذا قلنا أنه صلّى الله عليه وسلم ولد ليلا فليلة مولده أفضل من ليلة القدر من وجوه ثلاثة* أحدها أن ليلة المولد ليلة ظهوره صلّى الله عليه وسلم وليلة القدر معطاة له وما شرف بظهور ذات المشرف من أجله أشرف مما شرف بسبب ما أعطيه ولا نزاع فى ذلك فكانت ليلة المولد بهذا الاعتبار أفضل* الثانى ان ليلة القدر تشرفت بنزول الملائكة فيها وليلة مولده تشرفت بظهوره فيها صلّى الله عليه وسلم ومن تشرّفت به ليلة المولد أفضل ممن تشرّفت به ليلة القدر على الاصح المرتضى فتكون ليلة المولد أفضل* والثالث ان ليلة القدر وقع فيها التفضل على أمة محمد صلّى الله عليه وسلم وليلة المولد الشريف وقع التفضل فيها على جميع الموجودات فهو الذى بعثه الله رحمة للعالمين فعمت به النعمة على جميع الخلائق فكانت ليلة المولد أعمّ نفعا فكانت أفضل فسبحان من جعل مولده للقلوب ربيعا وحسنه بديعا
شعر
يقول لنا لسان الحال منه ... وقول الحق يعذب للسميع
فوجهى والزمان وشهر وضعى ... ربيع فى ربيع فى ربيع
[مكان ولادته]
واختلف أيضا فى مكان ولادته صلّى الله عليه وسلم قيل ولد بمكة فى الدار التى كانت لمحمد بن يوسف الثقفى أخى الحجاج ويقال بالشعب ويقال بالردم ويقال بعسفان كذا فى المواهب اللدنية وسيرة مغلطاى وقال فى غيره وتلك الدار فى زقاق بمكة معروف بزقاق المولد فى شعب مشهور بشعب بنى هاشم من الطرف الشرقى لمكة تزار ويتبرك بها الى الآن وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورث تلك الدار فوهبها لعقيل بن أبى طالب زمن الهجرة فلم تزل فى يد عقيل حتى توفى وبعد وفاته باعها أولاده من محمد ابن يوسف الثقفى أخى الحجاج بن يوسف وأدخل ذلك البيت أى مولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم فى داره التى يقال لها البيضاء ولم تزل كذلك حتى حجت خيزران جارية المهدى أم هارون الرشيد فأفرزت ذلك البيت عن تلك الدار وجعلته مسجدا يصلى فيه*
[بيان التواريخ]
قال صاحب جامع الاصول وغيره حين ولد النبىّ صلى الله عليه وسلم كان قد مضى من وفاة الاسكندر الرومى ثمانمائة واثنتان وثمانون سنة وفى المنتقى بين مولد نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم وبين آدم مدّة مختلف فيها فعلى ما روى الواقدى أربعة آلاف وستمائة سنة وقال قوم ستة آلاف سنة ومائة وثلاث عشرة سنة* وفى رواية أبى صالح عن ابن عباس خمسة آلاف وخمسمائة سنة* قال مؤلف المنتقى شاهدت فى كتب التفاسير ان من آدم الى نوح ألف سنة وقيل ألفا سنة ومن نوح الى ابراهيم ألفا سنة وستمائة وأربعون سنة كما ذكره فى الكشاف ومن ابراهيم الى موسى ألف سنة ومن موسى الى عيسى ألفا سنة ومن عيسى الى نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم خمسمائة وستون سنة أو ستمائة سنة فتكون الجملة ثمانية آلاف ومائتين وأربعين سنة* ونقل ابن الجوزى فى التلقيح عن ابن عباس ومحمد بن اسحاق انه كانت من زمان عيسى الى مولد نبينا عليهما السلام ستمائة سنة وفى رواية خمسمائة وثمان وسبعون سنة مما رفع عيسى الى السماء ونقل ان ذلك بعد هبوط آدم بستة آلاف وثلاث وأربعين سنة* وفى شواهد النبوّة من مولد النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى زمن عيسى ستمائة وعشرون سنة ومن عيسى الى داود ألف ومائتا سنة ومن داود الى موسى خمسمائة سنة ومن موسى الى ابراهيم سبعمائة وسبعون سنة ومن ابراهيم الى نوح ألف وأربعمائة وعشرون سنة ومن الطوفان الى آدم ألف ومائتان وأربعون سنة فالجملة ستة